تتعالى الضحكات وسط جو من الغناء و الرقص و الجنس و الخمر.. كل الاشياء الحاضرة توحي بحضور الفرح, لكن كل شيء حاضر و وحدها السعادة غائبة..
هي تطلب هنا لذلك لا تحضر.. كل هذه الطقوس لإستحضار روحها السرمدية.. لكنها مشغولة في مكان ما, ربما لدى إمرأة عجوز عاشت طاهرة و تنتظر الموت و هي طاهرة و ربما نادمة, نادمة على اشياء لم تفعلها, عن حب لم تعشه لأن في بلادها الحب عهر و هي إختارت الطهر.. تلك الراقصة فقط من تظن أن تلك العجوز سعيدة رغم ان الندم ينخرها في الحقيقة و يمنع عنها لحظة السعادة بإستهزاء..
تتمايل وسط المعجبين تسحر انظارهم, تثير في قلوبهم العواصف بجسد يبدوا قد تبرء من كل قوانين الطبيعة.. ترقص على قلوب المحبين ترسم لوحة للحياة مغرية بقدمها, تارة ترميها هنا و تارةً هناك, قدم لا تستقر في مكان, مرتعشة تريد و لا تريد, تحب و لا تحب, تغدر بوفاء و تجرح بحنو..
تستفيق فجأة من بهرجة الأضواء و يتراجع مفعول الخمر قليلا, تتثاقل في رقصها و تتباطأ خطواتها متوجهة نحو التوقف و السقوط, تهاجمها صور ماضية فتنسحب البسمة شيئا فشيئا و يُمتص نور جبروتها من عينيها ليتناثر و يتبعثر تحت قدمي حبيب ما..
كل تلك الصور التي تتقافز أمامها تدعوها لللإستلام و العودة بخطاها للوراء, تستذكر قصة ألم.. صورة لمسرح جريمة لم تدون.. تظهر دمعة في العين مكبوة, منسية في احد ثنايا التوجع, في ركن مهجور في الذاكرة, النسيان هو مطلبها الآن لتكمل الرقص على قلوب المحبين.. للتتقدم حيث النسيان ملاذها الأخير و الأوحد... مهما إنطوى قلبها على آلام, ترقص فوقه كل ليلة لتلهي جراحها بلمسة القدمين و تُغْنِي محبيها بكسرة خبز وسط جوع و كبت راهبين.. عينيها خضراوين, حبتي زيتون من أرض خرافية تأسر بهما كل المارين فوق جسد الشهوة.. الكل يريد ان يرتوي من رحيق الشفتين, و هي تعطي و تتمنع بمكر طيب و طيبة لا تخلو من الدهاء.. تعد بالعسل من شفتيها لكنها لا تبث سوى سم في منتهى اللذة..
ليست سوى الراقصة فوق القلوب..
0 التعليقات:
إرسال تعليق