الجمعة، 31 يناير 2014

المجنون

"_إني أعاني, حياتي موت و جسدي جثة تنتظر قبرا و روحا تحلم بالإنتحار.. حياتنا عدم في عدم, دكتورة هل أحتاج للمساعدة فعلا؟؟, فكري إنحراف عن السائد هذا حقيقة لكن هذا لا يعني أن السائد سليم معاف من الوهم.. الأمل وهم و السعادة وهم من دونها الحياة عدم من عدم, وحده الألم حقيقة محققة, محدقة بنفونسنا و أرواحنا و أحلامنا.. دكتورة الحل هو الإنتحار و وضع حد للعبث و القضاء على العدم المعدوم.." 

تنظر له طبيبته بحنو طفل على عصفور يطرق نافذته و قد أنهكه البرد و الخوف يستجدي لحظة عطفها و مساعدتها.. تحاول مساعدته على تخطي يأسه و خنوعه و هروبه من مواجهة جراحه.. تحاول مساعته لتسوية إحرافه على سير هذا المجتمع, أوليس هذا ما تعلمته و ما درسته أن تصحح كل إحراف على الواقع السائد و تعيد كل فكرة تخرج عن السرب في طيرانها.. هذا ما صيرها لها المجتمع و إختياراتها الدراسية و هذا ما ستفعله مع هذا المجنون ذا الطابع الإنتحاري.. 

تتواصل الجلسات العلاجية بين الطبيبة و مريضها
و قد كانت تخصص له وقتا طويلا مقارنة بزملائه في العنبر, لقد كان هذا المريض خاصا في تصوراته و تفكيره و ربما من زاوية ما نستطيع أن نجزم أنه أشد عقلا منا لذلك هو مجنون.. لقد حاول الإنتحار مرات عديدة لكن القدر يظل يحرمه الشيء الوحيد الذي تمناه بشدة و أراده بشدة و هو لحظة الحقيقة الوحيدة التي طمح إليها و أرادها و طلبها بكل ما أوتي من عقل.. كل هؤلاء الأطباء و الأهل و الأصحاب الذين أرادوا مساعدته و تسقيم إعوجاج فكره لكنه أصر على الجنون بكل عقل..
حتى تلك الطبيبة الزائر الجديد في حياته, الطبيبة ذات العقل الراجع و القلب الحنون, تلك الملاك الذي نزلت له من سماء حلم ما لتأخذ بيده نحو لذة حقيقية كحقيقة الموت لكنها غارقة في وهم السعادة.. تعجز أمام حالته و تشفق عليه من أفكاره و تكاد تجزم ان لا مصير له غير النجاح في الإنتحار في محاولة ما على غفلة من جميع من يهتم لأمره.. تعجز دائما أما قوة حباكة أفكاره وشوقه الشديد لمعانقة الحقيقة الوحيدة في هذا الوجود و هي الموت.. 

تذهب الطبيبة اليوم لمناوبة ليلية و قد إعتادت على البقاء يقظة طول الليل في مثل هذه المناوبات, تقرأ بعض الكتب تارة و تراجع بعض الملفات تارة أخرى و بين هذا و ذاك تأخذ وقتا مستقطعا لشرب قهوة تساعدها على البقاء مستيقظة.. ملئت كوب قهوتها و أخذت تترشفه أمام النافذة ناظرةً إلى حديقة المشفى تراقب الأشجار و النبات و هي تتمايل على نسمات الليل و نغمات سكونه, تراودها رغبة في سيجارة تحرق بيها هموم العمل و العائلة مع جولة بين النبات و الخضار و الإستمتاع بنسمات الفجر تلفح وجها.. تأخذ علبة السجائر و كوب القهوة في جولة قصيرة في الحديقة.. لقد إعتادوا في المشفى على  ترك نور الأروقة مضاءا مما يجعل نافذات العنابر تبعث نورا خافت  لا ترى من خلاله سوى أخيلة المارين من ورائه.. أخذت تتأمل تلك النوافذ سارحة بخيالها بين كل تلك الحالات التي تحت عهدتها تفكر في كل هؤلاء العائلات اللوات يضعن فيها كل ما لديهم من أمل لتعيد إليهم المريض (منحرف الفكرة) سليما إلى أحضانهم و كلما زاد ضغط الأفكار زاد ضغطها على السجارة دون وعي منها و بينما هي سارحة بخيالها بين الواقع و الخيال و إذا بها تلاحظ خيالا يعلق شيئا ما في السقف, إنه عنبر مريضها المميز.. أصبها الهلع الشديد و قامة برمي السجارة و كوب القهوة و ذهبت مسرعة تحاول إنقاذ حياته و حين وصلت لباب العنبر وجدته يلهو بحبل فتله من غطاء فراشه فاجئه وجودها في مثل ذلك الوقت المتأخر و تفاجأ أكثر بنظرة الهلع من عينيها و عرف أنها ظنت ما ظنته من الحبل الذي يلهو به 

- لا تخافي لن أفعلها الآن و الآن بالذات لن أفعلها, لدي مهمة عليا إنجازها أولا 
-مهمة ؟! لم تطلعني قبل اليوم أن لك مهام حياتية؟؟ كنت أعتقد أنك ترى الحياة وهم بكل ما تحمله من تفاصيل..
-هناك حقيقة تجتاحني منذ مدة تعيشني دون رغبة مني أن أعيشها, بل وهم ينزل على قلبي بعمق الحقيقة يصيرني عبدا له أكثر من الموت..
-ماهو ؟؟
يصمت المجنون قليلا و ينظر في عينيها كمن يريد أن يعانق شيء داخلهما أو يريد أن يخنق تلك الشفقة داخلهما و يحولها لشيء أجمل و حقيقة أعمق ثم يردف:
- إني أشفق عليك يا دكتورة..
-تشفق علي!! مما؟؟
-من كل هذه الحياة التي تبتلعك, من عملك في تصحيح الإنحرافات لإنحرافات أكبر, الإنتحار إنحراف و الحياة إنحراف أكبر, يا دكتورة من يحدد من المجنون فينا؟؟ إنه عاقل من قطيعكم حكم عليا بالجنون فقط لأني خرجت عن القطيع و حاد تفكيري نحو إتجاه آخر غير الذي يتجهون.. أتدرين يا دكتورة أني بعد أمي لم أشفق إلا عليك, إني أشفق عليك كما أشفقت عليها من الحياة من كل هذا الوهم, من قدرنا ككائنات مخيرة بين الوهم أو حقيقة الألم, أنا يا دكتورة أشفق عليك من كلاهما, لأنك لا تستحقين هذا الخداع, قلبك يحمل من البراءة ما لا يستحق أن تكوني مخدوعة و تضلي مع القطيع..
ترد عليه الطبيبة جازمة بأنها لا تحدث مريضا بل مفكر أو ربما فيلسوفا:
-لماذا ترانا نحن المخدوعين و أنت الذي تمتلك الحقيقة وحدك ألا ترى في هذا إحتكار للحقيقة و غرور؟؟؟ 
يرد عليها مع إبتسامة خبيثة: 
-بل ثقة سيدتي..
و يندفع نحوها مسرعا و يمسك بيدها  يضعها على صدره و يقول: 
- تلمسي ذلك الألم التي يلتهب بين أضلعي, إنه حقيقة تحرقني, تألمني, تدفعني نحو حتمية الموت حتى لو صبرت و حتى لو حلمت و مهما أثثت حياتي بالأوهام و حتى إن إخترت منها تلك الأكثر واقية كالحب سيأتي الموت مدمرا لكل تلك الأوهام بحقيقته المرعبة اننا نأتي من العدم لنعيش العدم نحو العدم..
تنظر إليه الدكتورة هذه المرة و قد إختفت كل تلك الشفقة التي فيهما و قد حلت مكانهما لمعة خوف, خوف من كل ذلك المنطق الذي يواجهها بها مريضها الذي يعد من أكثر الحالات المستعصية في المشفى..مرتعبة من كل تلك المشاعر التي تشب داخلها, من نظرتها في باطن مريضها التي تجعلها تقف وجها لوجه مع ذلك الإحساس الذي ولد في غفلة منها ناحيته لدرجة أنها تستطيع أن تعرفه, إنه الحب, إنها تحبه, إنها تقع أسيرة لمنطقه عوض أن تروضه و يعوج فكرها شيئا فشيئا عوض أن تعدل إعوجاج تفكيره... 
و كل ذلك في غفلة منها و دون وعي بخطورة ما يحصل لها.. 
يقطع عليها مريضها صمتها و فوضى الأفكار التي تجتاحها قائلا:
- أتدرين يا دكتورة لقد إعتقدت دائما أن الموت متاع متوفر لي متى أردته و متى طلبته لكن اليوم لا أقدر عليه و لا أقدر أن أطلبه و هو خلاصي.. خائف من تركك لهذا الواقع ليفترسك و تركك لهذا الفراغ ليمتلئ بك و يفرغ من نفسه فيك.. أنا أشفق عليك يا دكتورة و أخاف عليك و أحس برباط سرمدي يجمع روحي بروحك و كل هذا حقيقة.. حقيقة أقوى من وجودي و وجودك المتفرقين.. ألا تحسين بهذا يا دكتورة كما أفعل...
تظل الطبيبة شاردة ساكتة تفكر و تحاول ترتيب أفكارها محاربة رياح الفوضى التي تبعثرها.. و أمام هذا الصمت يعود المجنون للحديث مكسرا كل تلك الأبعاد التي تقام بينهما بمجرد صمتها..
- حتى لو لا تحسين فأنا لا ألومك على ذلك, لا ألومك على إنفصالك مع الحقيقة التي نعيشها أو تعيشنا لا أدري لكن هذا لا ينفي وجودها معنا و حولنا و فينا.. يا دكتورة هل تعرفين مجنون ليلى؟؟؟ 
تمهمه الطبيبة قليلا لا تدري مغزى السؤال فتحير في الرد الملائم:
-نعم أعرفه, قرأت عنه مرة..
- قيس فقد عقله بالحب و أنا إستعدت بعضا من عقلي بالحب..
-حب!! حب من و ماذا؟؟
- آآآآآآآآآآه أنت لا تحسين!!! لا تستشعرين بذلك الرباط الذي يجمع روحينا و يصهرهما في إيناء واحد! إنه حبك يا دكتورة ما غير خرائط فكري و رسم فيها حقيقة جديدة شبيهة بالموت يسمونه حب و أسميه إنصهار روحين ما إفترقا إلا ليجتمعا في حتمية شبيهة بالموت.. تألمني يا دكتورة أنني كنت ربما سأموت أو أنتحر دون أن تعترض روحك روحي و يعود كل منهما لوطنه و يستقر في موطنه.. أتعرفين ماذا أتمنى يا دكتورة؟؟-ماذا؟؟
- أتمنى أن تسمحي لي بإحتضانك و إعتبريها أمنية المريض المحتضر الأخيرة من هذه الحياة لأنها بنفس الأهمية.. هل تسمحين لي ؟؟
كان يقول كلمته الأخيرة و هو يهم بإحتضانها مع إستسلام واضح منها يفيد الموافقة و أخذ برأسها على صدره مع إحاطتها بكلتا يديه ثم رفعت رأسها لتتأمل عينيه و تراقب تقلابتها فأخذ هو في تقريب شفتيه من شفتيها و تقبيليهما و هو يحاول أن يمدها على فراشه في العنبر و نجح في مدها تحته و إتخاذ وضعية المسيطر و إرتوى من شفتيها في قبلة ضرورية لإتمام مشروع إنصهار روحيهما و بعد إتمام القبلة و قد تأكد من خلالها من حقيقة ذلك الإحساس.. فجأة و في حركة سريعة كتم أنفاسها المتلهفة بالمخدة لقد قاومته قاومة الإختناق بشراسة لم تمنعه أن يتوقف عما هو ناوي عليه, و حين همدت أنفاسها أخذ ذلك الحبل الذي فتله طوال الليل و أحكم تعليقه و قبلها قبلة من جبينها ثم أقدم على الإنتحار.. 

الأحد، 26 يناير 2014

كلمة حية, من القلب و أكيد باش توصل للقلوب

إنقسام و هجر و ملام و حلمنا سلام..
حلمنا وطن لا سجن و لا قفص نتحبسوا فيه كيف لحمام..
تخلقت باش نعيش في سما منغير سقف منغير حدود, جوانحي تخلقت باش تشق لحدود و تيارات لهوى لقوية و حتى كيف تكون نسمات..
صوتي عالي في كلمة لا, ال"لا " العريضة المعارضة كلمة لا إلي متجيب بلى و كيف تسكت , سكوتها كبوس في نفوس الزنوس...
أنا, أنا الكلمة الحرة و دمعة مواطن مرة, مرة من صعود الجبال على جرد لقمة, على حق حياتي.. حتى لحقوق في بلادي ثورة و عركة و شهيد و دمعة عبيد..
وقتاش حكامنا يفهموا أحكامنا, يفهموا مطالبنا و يوقفوا إنقسامنا..

في صباحي هذا نحب نلم ها لبلاد في حلمة و نعنق كل الطوائف و الأديان و الأفكار و القلوب لحرار و رغم الإختلاف نعفسوا على الخلاف و بين الكلمة لولة و الثانية برشا إنقسام و حروب و معارك و كره و خوف, في صباحي هذا نحب نقول نحبك يا تونس لملونة بينا و طرقنا الغريبة باش نحميو الحق إلى في نظرنا منغيروا الدنيا تنشق و نقولكم الكل أصحابي و أهلي و ناسي و خواتي إلي يلمنا نفس لون دم, دم إلي سال و كيف سال مفرقناهش يسار ولاّ إخوان, عرفناه دم إنسان..
نحب نقلكم الكل "نحبكم"نـــــــــــــــــــــــــــــــــحبكم و نحب نتلموا و نفرحوا بالإختلاف و بالألوان و بالأعلام, كلها تتلم تحت نفس النجمة و الهلال..
 و بدمعة سخونة باش تحسوها وسط الكلمات نلمكم في صباح كما الصباح إلي تفرقنا فيه و زرقنا قلوبنا كيما صوابعنا و كرهنا فيه..
 صباح الخير يا تونس, صباح الخير رغم الإختلاف إلي في ها الصباح نحب ننسى إلي هو خلاف..
صباح الخير على العلم و النجمة و الهلال إلي يعوموا في أبيض السلام رغم الدم و الدموع إلى من القلب تفوع..
بين قلبي و قلبك إختلاف و فراغ يحبوا يسميوه خلاف و إنقسام و صراع و أني نحب نسميه حب و وفاق و العلم إلي لم بين أحمر الدم و الوجيعة و أبيض السلام لا الإستسلام يلمنا بالنفس الطريقة و يرسمننا بنفس الجمال

الثلاثاء، 21 يناير 2014

لعبة لحروف

نصرط في الريق مانلقاه 
مريضة و مانعرفش علاه

من بلاد الهم و الجرح إلى ما يتلم
من عبادها؟ ..زايدين جراحها و هاجرين أمحانها ..
من ولادها؟.. حاضرين أفراحها و ناسيين أتراحها ..

من إلي حب؟ و عمل المستحيل باش قرب 
تمسكن و كيف تمكّن
في قلب روحي دكّن نوحي
و زاد وجيعتي و طول ليعتي

مريضة..
أما في عينيا فرحة مذهبة بأحمر الوجيعة
أحمر الدم و الدموع,
أحمر الحرية إلي من القلب تفوع..
مريضة..
و مسكون بالأمل و طيف حلمة متموتش مع الليعة..
على طاولة السكرابل نظم 3 حروف
الألف و الميم نوسطهم بلام الخوف (ألم) 
و نخسر قدام خبث الوقت و غدر الظروف..

و في لحظة تتقلب لحروف,
الألف و اللام تتوسطهم ميم الأحلام..(أمل)
يتقلب الطرح و الخسارة تولي نجاح
و في قلب اليأس نغرس حروفي أفراح

و نغزر لروحي و نقول خسارة طرح ملازمش تضيع أطراح
 التسجيل الصوتي عبر هذا الرابط:https://soundcloud.com/rimanimatrice-1/m0c8dy6axvfj

الاثنين، 20 يناير 2014

تأصّل المازوشية في تكوين المرأة



في صغري قالوا لي كثيرا أن المرأة تحب من ألمها عكس الرجل الذي يكره من ألمه لذلك تلد المرأة في صحوها و تعاني أشد آلام الحياة فيزداد بذلك حبها لولدها في حين ولدت حواء من ضلع آدم خلال نومه لكي لا يتألم و يكرهها و علمت حين كبرت و إطلعت على بعض تحاليل فريد أن التمتع بالألم الذي يسلط علينا هو إنحراف نفسي يسمى بالمازوشية أو المازوخية أي الحصول على المتعة من الألم, و عرفت أيضا أن حب الأم لولدها ليس نتيجة الألم و إلا فإن النساء اللواتي يلدن بعمليات قيصرية لا يحببن أطفالهن أو يحببنهم بدرجة أقل من الأخريات و هذا غير صحيح و قد نفته التجربة... 

المرأة في مجتمعنا تعاني من هذا الإنحراف النفسي أكثر من الرجل..  فنجدها تمعن في حب من يعذبها و تزيد ولاءًا لمن يحبس حريتها و الغريب أن نواصل التعامل معه على أنه شيء عادي و من طبيعة المرأة..

تربى المرأة  من الصغر لتتعود على الألم الذي يكون جراء قمعها و الحد من حريتها فلا تجد تلك الأخيرة إلا أن تبحث عن مبررات لهذه الخيانة الواضحة للسعادة فتربطها بسعي عائلتها للمحافظة عليها و حمايتها و بالتالي إسعادها فتسعد هي الأخرى بهذا الألم النفسي الواضح و تتعايش معه مما يولد لديها تلك النزعة المازوشية.. 

نحن نخلق إيناث و يصييرنا المجتمع "نساءا" بكل ما تحمل من الحلمة من ملامح متعارف عليها من ضعف و خضوع..
كل هذا يمكن أن يتغير حين يحضر الوعي بالمساوات الفزيولوجية بين الرجل و المرأة التي يجب أن تجر معها مساواة فعلية و فاعلة.
مساواة, تسعى المرأة من خلالها لعيش حياة نفسية و إجتماعية متوازنة أكثر.. 

(نعرف برشا أصوات أنثوية ستكون ضدي في هذا و ستستند في ذلك لبعض النصوص الإلهية)

الجمعة، 3 يناير 2014

فراشة

مخي نشف.. حبار ستيلويا كف..
عروقي خز.. دمها رعف..
زعمة نعيش المعجزة
زعمة نولي معجزة
زعمة نجم نكتب نص,
منغير ماتاقف عساكركم قدام بلومتي...
زعمة تخليوني نعيش في بدني,
نحسبوا كراسي و ندون عليه كتاب حياتي..
و نعبيه أوشام و أصنام
لٍنا.. لٍنا على كتفي
و فوق قلبي بجنب رواريا إلي معيبين هواء منسم على الحرية
تلقى وشم قلب تعفس و ترفس
دمو فاع وصل الرْكُبْ
غادي يتلم في واد
فيه مركب بشرايعوا دب و لعن إلي هب
و وراء السحاب ذاب و غاب
و غادي شوية, في آخر ظهري..
"فراشة"
رمز الجمال و روح الحرية أما جوانحها خفاف
نسمة غربيّة
حرقت ألوانها و نثرتهم عليا
في بقية بدني تنثرت ألوان حلمي..
و تفيض الألوان على حياة بنية صغيرة..
عايشة في تصويرة ماليتها الحيرة..
تكبر ولا تعاند الزمان و تقعد صغيرة
و تعيش في تصويرة و تموت في واقع الحيرة
و على غير رادة تتحرك الغيرة
يفرفط القلب و يلعن التصويرة
و تكبر الصغيرة..
تتلون الخدوة و الشفايف بالأحمر و النوار و تتملى الأيام أشعار
و يطوال الشعر و و في آخر الظهر يحطّ و ينطّ
كبرت الصغيرة و تلونت التصويرة بفعل الغيرة
و بفعل الحب زادت الحيرة..
و ورّد التفاح على أرض القلب و فوق هضبة الصدر
عرفت الصغيرة إلي الغيرة و الحيرة و الكبر مع الأيام قدر
ميوقفوش لعناد و الدلال
و دمعة من العين كبيرة
زعمة نعيش المعجزة, زعمة نولي معجزة؟؟
زعمة تكبر الصغيرة و متكبرش معاها الحيرة؟؟

الخميس، 2 يناير 2014

على عتبات الحب و ضرورة الفراق (جزء 2)

 الجزء الأول عبر هذا الرابط: http://rimsouheil.blogspot.com/2013/08/blog-post_28.html
حين جاء الفراق, لم نقدر على عناده.. الفراق كان ضرورة طلبتنا مثلما طلبناها..

مرت فترة بعد فراقنا و لا أمل لي من الهاتف سوى صوته و لا أمل من التجول في ثنايا المدينة سوى رؤية خياله من بعيد.. أنا من طلبت الفراق و أنا من لم تقوى عليه و أنا التي سكن طيفه كل ثنايا الذاكرة..
ها أنا أحضر نفسي للنوم و إنما أنام لأغمض عين الذاكرة عن الشوق و أحميها من السهاد..ففاجئني الهاتف يرن وظهر  رقمه على الشاشة معلنا لي نجاحي في الصبر على فراقه و فشله الحياة في بعدي..
 إنه يتصل, لا شيء بيني و بينه سوى كبسة زر..
 لم أتصور يوما أنه سيكون قراري في الرد أو لا بهذه الصعوبة و سيجتاحني كل هذا الحنين لمجرد ظهور رقم هاتفه على شاشة هاتفي.. إنه الصراع الحتمي بين عقلي و قلبي المفتوح النوافذ على حتمية الواقع الساخر..  بعد صراع كبير ليس بطويل تغلبت سلطة القلب على سلطة العقل و رددت على هاتفي الملتهب أشواقا و هجرانا فمن غيره كان يهديني الإهتمام و الحب و ها أنا من دونه نسيّا منسيّا..
-          ألووو..
خرج لي صوته كجنة انتظرتها طويلا لأريح نفسي المرهقة من رحلة النسيان.. أربكني.. أدهشتني كمية الحنين التي كتمتها في غفلة من عقلي.. واجهة كل تلك الفوضى بالصمت. لكنه لم ييأس و واصل الكلام
-          ألووو.. ألوو.. هل تسمعينني.. أعرف أنك تسمعينني.. ردي أرجوك, لقد إشتقت نغمة صوتك..
لكني واصلت الصمت.. لو تكلمت لقلت كلاما سأندم عليه إلى الممات.. لو تكلمت لقلت, أنت الشقي و أنا الأشقى في غيابك.. أنت المبلي و كل البلاء لي بعيدا عن أحضانك.. آثرت الصمت بكبرياء عوض الصدق الذي سيزيد البعد ألما و يزيد حريق الاشتياق لهيبًا.. لكنه واصل الكلام...
-          حبيبتي.. إشتقتكِ.. هل يصح أن أناديك حبيبتي.. آههههه ستظلين حبيبتي وحدي مهم مر  بتاريخك من رجال بعدي
و أمعنت في الصمت هذه المرة دهشةً من ثقته في نفسه, لماذا الدهشة يا قلبي, إنه يعرف أني حين إعترفت له بحبي كنت في أكثر لحظات صدقي و لأنه كان يسكن نغم قلبي, يستطيع بسهولة أن يكشف الصدق من الكذب و الحقيقة من الأوهام بمجرد سماع نبرة صوتي..
-          حبيبتي عودي لحياتي فقد أرهقتني الظلمة و أتعبني الفراق.. عودي و أعدك أن أتوقف عن كل ما كان يأذيني و يأذيك.. سأتوقف عن استهلاك تلك السيجارة.. سأتوقف عن شرب الكحول, لقد حصلت على عمل.. أريد أن أعتني بنفسي و أعتني بك.. عودي إلي .. في قربك فقط يصبح المستحيل ممكنًا..

هنا قررت كسر جدار الصمت :
-          أنت مدمن, ليس بهذه السهولة تقلع عن كل تلك العادات السيئة
-          آهه لقد تكلمت, كنت أعرف أنك تنصتين لي.. إشتقت لصوتك يغسل روحي من آلامها.. لماذا تعذبيننا هكذا دون وجه حق أو سبب مقنع..
-          دون سبب مقنع؟؟؟ أنت تحمملني الآن مسؤولية أخطائك.. تحمل مسؤولية  أفعالك مرة في حياتك.. فعلاً لقد قتل الأفيون كل ذرات العقل فيك
أشعلتُ بكلامي نار الخلاف و أحييت الأسباب التي إفترقنا لأجلها فترك حديث الحب و الإشتياق و إنتقل لللوم و البكاء..
 آلام البعد لا تقتل سوى أسباب الفراق و تطويها و تعدها لنسيان في أول المراحل لتصعب على العقل دفن الحب المنتهي بشكل لائق و تتركه ليتعفن أمام أعييننا ليمعن في ألمنا و بكائنا..
نعم يبدوا ذلك غير منطقي لكنه طريقة من طرق القلب لتقديس الحب و إسكانه في الذاكرة...
-          لكني أحبك و كنت صادقا معك و هذا يغفر لي كل سيئاتي و كل ذنوبي ثم إني لم أؤذي يوما بشر, أنا لا أؤذي سوى نفسي.. فهل يوجد حل أفضل من ذلك ؟؟؟
أردت أن أقول له أنت تأذي نفسك فقط هذا صحيح و ما نفسك سوى نفسي.. لقد إنصهرنا ذات لقاء بفعل الحب في إيناء الحياة ألم تلاحظ ذلك.؟؟؟ و لكني خيرت أن أصمت.. كنت واثقة من أن كلامي لا معنى له و كنت متأكدة من أن ذهنه مغيبٌ بفعل مادة مخدرة ما.. إنتظر إيجابتي و لكنه حين طال صمتي أردف قائلاً..
-          حبيبتي, أعرف أني لا أصلح لك أعرف ذلك و كنت أعيه من البداية لكن .. لكن...
و أنا كذلك أحبك و أريد قربك لولا تلك ال"لكن" السبب في عذابنا و فراقنا.. حروب تقام في عقلي يقطعها صوته مرة أخرى:
-          أنظري إلي أمي كيف صبرت على كل ترهات أبي و خياناته لتحافظ علينا و على بيتها.. لقد حدثتك كم خانها من مرة و كم ضربها من مرة و عاشت مهانة صابرة لأجلنا أنا و أخواتي و تماسك أسرتنا.. لماذا لا تصبرين علي أنا و أنا الذي لا أؤذيك كما يفعل أبي..
-          غبي, غبي...
-          ماذا تقولين ؟؟؟ !!!
-          تريد أن تصنع مني نموذجا آخر من أمك؟؟ تريد أن تنجب نسخا أو مُسخا أخرى منك؟؟؟ تريد أن تبني بيتا خرابا كالبيت الذي تربيت فيه؟؟  صبرت أمك على جور أبيك لتجد منزلا يأويها و دخلا يحميها.. صبرت أمك لأنها غير قادرة على مسؤوليتكم بعيدا عن مال أبيك.. لأنها ضعيفة.. لأنها ضلعًا أعوج و ضراعًا قاصر ليس لأنه كذلك بل لأنها ربيت لتكون كذلك.. أنا لست كأمك و أنت تعرف ذلك..

تصلني همهماته واضحة.. يصلني إنكساره واضحا.. يصلني صوت سقوطه مدويا من هول الحقائق التي أواجهه بها لأول مرة و لم يحضر لها سلاحا يدحضها بها..كان يبحث عن مبررات عوض أن يعبد الطريق الذي ربما يستطيع أن يجمعنا مرة أخرى..  تخونني ذاكرتي لأرعرف السبب الذي جعلني أقع في حب رجل غبي كهذا, السبب الذي يجعلني أسلم قلبي لفتات رجل و حطام إنسان كهذا.. فربما لا يوجد سبب أصلا لا أدري..
-          أنا هكذا و لن أتغير و لا أستطيع أن أتغير..
-          كنت أعرف هذا لذلك رحلت و عبثا تحاول أن تسترجعني فلن أعود لأدفن حياتي تحت تقلبات إدمانك و ضياعك.. وداعا
-          ه....
قطعت الخط و لن أعرف يوما ماذا كان يريد أن يقول ربما كان يريد أن يسبني و يهينني كما يفعل دائما حين يضعف موقفه و ينكسر أمام عقلي و كبريائي.. ربما كان سيتذلل لي و يترجاني لأعود إليه.. ربما.. لا أحد يدري حتى هو نفسه لا أظنه يدري أو لا أظنه سيتذكر.. فالأفيون الذي يدمنه وسيلة ناجعة للنسيان و الرحيل لعالم الكمال.. الأفيون طريقه لعالم المثالية و الكمال الذي لم يستطع أن يرسيه بقلبه النقي في عالم كعالمنا .. كان أطيب و أنقى  من أن يستطيع أن يتحمل واقعنا المريرو حظه الذي رماه في محيط كالذي يعيش فيه.. أنا لا أبرر له شطحاته الخرقاء و إستسلامه, أليس ضحية هذه العقليات المريضة, في الحقيقة ألسنا كلنا ضحايا؟؟ لا يهم ضحية من و كيف؟؟ هي سلسلة لا تنتهي.. نجرح و خلال رقصة الديك المذبوح نرش كل المحيطين بنا بالدم و حين تنتهي الرقصة نرتمي فوق مسرح الرقص و نبكي و نتسائل ما ذنبهم في جراحنا و ما ذنبنا في جراحنا.. أليس بعضنا ضحايا الواقع الذي يصنعه رجل قوي لا ندركه بعقولنا فنسميه القدر..
في نهاية إفترقنا و لا شيء يقدر على جمعنا مرة أخرى سوى قدر قوي يصنعه رجل قوي لا يستطيع أن يدركه هو لأن الأفيون قتل في عقله كل ذرات القوة و الرغبة في التغيير...

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More