السبت، 20 ديسمبر 2014

الحقيبة..

عليا أن أجمع حقيبتي و ارحل, لكن  ماذا يجب آخذ معي؟؟ بماذا يملئون حقائبهم في حالة الرحيل المستعجل أو ما يسمى بالهروب؟؟؟ هل أملأها بذرات من الحنين و بعض الذكرى؟؟ ماذا يجب أن أحمل معي؟؟
أضع أمامي الحقيبة فارغة و أفكر في ملئها.. و أشتهي أن أرحل دون حقيبة, دون أي شيء من الذكرى و روائح الحاضر.. أرحل فقط, دون تخطيط, دون تفكير, دون خوف من المجهول.. الحقيبة ليست سوى رابط مع ما أنا هاربة منه.. 
الحقيبة لا تمتلأ و تطلب أن أزيد في إمتلئها, شيء مني أيضا يعتقد أني سأحتاج كل هذه الأشياء, و حتى هذا الدب المحشو الذي كان هدية من حكاية قديمة.. أحاول أن أجمع أشيائي بنهم شديد و كأني أريد أن أحمل جزءا من هذا الحاضر و أؤثث به المستقبل,  الحقيبة هو هذا الحاضر الذي أريد أن أهرب منه.. 

أحاول أن أحمل الحقيبة.. أفاجئ بثقلها و بكمية الذكرى الذي تحملها, أفاجئ بكمية الأشياء التي أريد أن أحتفظ بها, أكتشف حقيقة رغبتي المبتورة للهروب.. أريد أن أهرب لكن أريد أن احمل معي قلب أمي و ذاكرة كاملة من الحنين و الذكريات و التجارب..  


الطيران سبيل و ليس محال...

الإستقرار.. حلم ربما.. أو قرار..
دار.. راجل ربما..و كمشة صغار..
ممكن زادة أربعة حيوط و قلوب تحبك و زادة قرار 
في لحظة صدق مع روحك..
تعرف إلي لحيوط حب و الدار ربطيّة
الراجل قرار.. خيار ولا ممكن إختيار 
عبودية زادة كان باش تخمم فيها أبدية 
و الصغار مسؤولية و حتميّة و حبس ولاّ ممكن محميّة..

تخدم باش تعيش و تاكل و ممكن.. و كيما قلت ممكن تربي الريش
أما تقعد عبوديّة..
عمرك ترهنوا بشهريّة..
أمك و بوك.. تسميهم حب غير مشروط؟؟
إنت زادة مشروع ليهم..
إستمرار ليك بيهم و إسقاط لأحلامهم فيك و كل شيء مردود عليهم

أنا..

أنا.. من أنا؟؟ 
عبدة لهذا و هذاكة.. عبدة لعرفي على الشهرية 
و حتى مشاريع الإستقرار إلي ماشية فيهم بالنيّة

عادي تاقف على رموش عينيك من التعب و تقول:
"سأصير يوما ما أريد؟؟"
و تتسائل بعدمية 
"ماذا أريد ان اصير؟؟"

نحب نطير..
أي حلمي نطير..
منيش ملايكة و ممكن تنبتلي جناحين 
منيش عباش بن فرناس 
من نفوق جبل نرمي روحي و نستنى روحي نطير 
نعرف جناحين من ريش مش ممكن يطيروني كان للحضيض..
للقاع..
و كيما تعرف صاحبي القاع إزدحام.. زحمة..
و ممكن تولي في وسط القطيع لحمة 
و تضيع الحلمة..

أنا نحب نطير
نخمم كيفاش السحاب هو إلي يهبط حد ساقيا 
كيفاش يكسر الأغلال 
كيفاش نوصل للحريّة 
لا نبيع عمري لعرفي خاتر الشهريّة
لا نبيع أحلامي خاتر الحماية و لا نحبس روحي في محميّة

نحب نطير 
حلمي نسير.. نتحرر منغير منحير
منغير منحير من غَدِي
منغير منحير في أَمسِي 
منغير منتفكر حبي لقديم و نتنهد مع وجيعة قلبِي

سأصير يوما ما أريد 
سأطير ..

إلي إبنتي..

ليس إسمك ريم كأمك حبيبتي و لا أنت غزالة مثلي و لا الجميع ذئاب و أنت طريدة, و لا وجع لك كوجعي تسكنينه و لا وطن مدمر لك مثلي و لا مشردة مثلي و لا إنتماء لك سوى ذاتك مثلي.. 
ترين حبيبتي ليس جميعنا لنا نفس رقعة الوجع و لا عدل في الحياة يقسم الفرح كما الحزن بيننا بالتساوي و رغم ذلك بعضنا يفوز بالنار و الآخر بالجنة..
أترين حبيبتي لم أطلب في طفولتي و لا يوما دمية لكنها أهديت لي كثيرا, أسكتوني كثيرا بالشوكولا, حتى أبكاموني, حتى كرهتها, حتى قيدوني..
ما أأكده لك يا حبيبتي أني كما الكثيرون يموتون كل دقيقة و كل حادثة و كل وجع و كل ثورة حلما بواقع أجمل, حلما و مقاومة لأجل مصير أرفه لك و لأمثالك و أجيال سبقتك و أجيال بعدك ستأتي..
أحاول حبيبتي, أحاول بكل ما أملك من قوة و كل ما أملك من حبر و ورق و ما يسكنني من ضعف لأحميك من رقعة الوجع التي إحتوتنا جميعا أجيالا وراء أجيال..
وجع أسموه عادة و عرفا و دينا لا ندري مصدرهم و لا ندري أحكامهم و لا ندري أسبابهم فقط نختنق بهم..
نموت على خناجرهم..
لكن رغم هذا الحكم بالإعدام الواضح أنجبتك مفعمة بالحياة متقنة للحرية..
طائرا حرا لم أحبسك في قفص تجاربي و لم أخنقك بنفس خوفي عليك.. 


لا أنا أم و لا لي إبنة لكن يوما ما سأخلق واحدة...
أتمنى أن أشارك في بناء واقع أجمل لها..
أتمنى أن تعيش في واقع اجمل و وطن ادفئ

العنوان لجلب الأنظار نحبها منغير عنوان

يطوال ليلها و تتكيّف
يتهد حيلها و تتجيّف 
تطيح و تكثر سكاكنها.. 
مش متشائمة اما حكاية لائمة.. 
مرى في بلاد الذكورة 
مأنث متحبش تتذكر..
متحبش تتذكر ليلة إغتصابها 
ليلة بكاها في محرابها 
ليلة ميّةْ بلا قبر, بلا جنازة و بلا عزاء
عزاء فوق راسها, في قلبها و في دعستها,
في لمستها لواقع محسش بدمعتها..
دمعتها غالية.. غالية.. حتى للخبز مش شارية
متقليش أغزر لنصف الكاس المعبي
نحب نغزر للطفل إلي دمعتو ناشفة, كاسو فارغ و ريقو شايح..
منحبش نتفكر إلي أنا ممكن نشبع.. نحب نحس بإلي كاسو فارغ..
مفماش نصف معبي و نصف فارغ..
فمى نصف جيعان, عريان, عطشان و منسي..
مفماش حواء و أدام
فمى أسطورة بناها شبعان عمرو ميركع
عبى كاسو من الكيسان إلي قاعدة تفرغ.. 
فمى أنا و إنت.. 
فمى وجيعة و توأها الأمل 
فمى حياة و توأمها الألم 
فمى حواء و آدم 
فمى إستمرار و محركو القرار
فمى حواء و توأمها الألم 
فمى مقاومة و توأمها الأمل 

آدم مش في حساباتي.. 
مفماش آدم 
فمى أنانية لا تشبع
فمى كاس قاعد يتعبى و آخر قاعد يفرغ 

في ها الجملة نزيد نمعس ال"سي قارو" بين صوابعي و نلعن الخرافة 
و نزيد نسب التاريخ و طسيلة المنتصر إلي كتب التاريخ المغتصب و نزيد نربرب على جد والدين الرأسمالي المحتكر 
و تفوه و تفووووووه على العقلياة الراكعة.. المزكيتهم  بنجازتهم و على طهارتنا قاضية..
و يطول ليلها و تتكيّف و يتهد حيلها و تتجيّف و حواء و آدام صنعتهم الخرافة و مد حياتهم التاريخ و زاد في طغيانهم العقليات الراكعة 
و راسك صاحبتي دمعتك غالية و إنت الكاس بكلوا مهمى من ماه كبوا.. إنت الكاس و دمعتك تعبيه و تزيد تكبوا.. إنت التاريخ و الآلهة و تبا للخرافة.. 

الإهداء للحلمات إلي كيف حلمتي.. الإهداء للصدفة إلي لمتنا.. الإهداء لصدقاتي ضحى و رحاب..لأن وسائل الإنتحار أيضا غير متاحة لمن هم في بأسنا لذلك نقاوم..





دم و شرف

شرف بالدم تكتب..
على البدن ذاب و بين الأفخاذ غاب..
شرف بالدمع ترسم..
على الحروف تسكب و ورى الحديد تحبس..
شرف ربكم شرف..
شرف خايخ ساسو مكسر و طايح..
شرف كيف أفكاركم نفاق، كيف أطفالكم لقطاء نقابكم..
كيف عرسكم زنى و زناكم حلم مسروق من نفاقكم..
و كيما قال المجنون في هاك الثورة "كيف يموت الشرف يموت العار"
مجنونكم مات و تتدفن تحت اهمالكم..
كلامو توا تفهم، حضورو توا كمل..
ضاع شرفكم و تعرى نفاقكم..
تلوح كلامكم..
تنسى و هو عاش و مات سوس أفكاركم..
عاش المجنون عاش فكرو الي بالصدق مرصوص..
ثوري فالثورة أنثى.. ثوري و نحي حجابك..
سيب شعرك خلي تلعب بيه الريح لين تطيح..
طيح و قوم.. تجرح و تعلم..
الشرف مش بين الأفخاذ، مش تحت الحجاب،
مش وسط حبس أفكارهم..
ثوري فالثورة أنثى، ثوري فالولادة أنثى و الإله في آخر المشوار زاد التاء و في حضن التأنيث تخبى..
ثوري و ألعني أول رسالة و أول مؤرخ نسى و ممكن تناسى يدون انك آلهة..
ثوري، أرسمي بنضالك رسالة على حيوط مدينة لقديمة، الشرف مش بحبسي وسط حيوطها، الشرف مش بقتلي على عيون زنوسها،
مش بذبحي و دمعي ليلة فرحي..
شرفي في عقلي يهمني وحدي..
الرجلة تصنع شرفك وحدك مش بقتلي..
شرف ربكم شرف و كيف يموت الشرف يموت العار
و نزل الستار..

لأني إمرأة و أريد الحرية

اتذكر كلام أحدهم حين قال: المرأة في بلادنا مخيرة بين الإنتحار و الإنتحار و نقلت لكم ما قيل دون أن أكهنه جيدا و حصدت ما حصدت من إعجابكم..
من هنا و أنا أقف على هذه الهضبة من هضاب الواقع المرير لأنقل لكم فضاعة ما حدثتكم به، تفاصيل ما أعجبتم به و لم تفقهوا أيضا كما أفعل الآن مرارة و حقيقة تلك الكلمات، موجعة هي الحقيقة و لا كلمة يمكن أن تصفها او تجسدها او تنقلها كما هي، مميتة هي التفاصيل وراء ما نلد من كلمات مقارنة بما نحبل به من معاني، فعلا هي المرأة في بلادنا مخيرة بين انتحار و آخر، بين موت و آخر و وجع و آخر..
حين تصامدت مع عائلتي في إختلاف إديولوجي بحت و قررت أن لا سبيل لأخسر نفسي و فكري و أهدم حائط أفكاري الذي زينته حرفا بحرف و بنيته فكرة فكرة و مخاضا بعد مخاض، سنين من عمري أمضيتها ابني و أطور و أبحث و أدحض، لا سبيل لأخسر كل ذلك الآن أمام أول تحد لقناعاتي، خيرت ألا أخسر نفسي خيرت أن أخرج منتصرة من تلك المعركة التي هدفها إخصاعي و تصييري متاعا من متاعهم كغرفة النوم أو الجلوس، خيرت أن أستقل و أبني نفسي بنفسي كما يجب أن يفعل أي رجل، لكني لست رجل، أنا إمرة، متاع و ضلع أعوج و ناقصة عقل و دين بل معدومة الدين أيضا، خرجت من حيطان منزل أبي و من حبسها، متخلية عن أمانها أيضا و كل مل تهبه لي من مزايا، خرجت لأربح نفسي دون أن أخسر فكري و أبني مستقبلي، لكن..
"لكن" تلك الحروف الثلاثة التي تشقلب دائما حساباتنا و مختطاتنا و توقعاتنا، إحتدم الصدام و كبر الصراع و عرفت أني لم أربح المعركة، لم أربح معركتي لأني إمرأة وفي هذه البلاد، كل خياراتنا إنتحار و كل دعاساتنا وجع..
كم أشتاق لحضن أمي، كم أشتاق لعيني أخي الصغير، كم توجعني كلماته حين قال لي لماذا رحلت عني، لماذا أنت بالذات رحلت عني و تركتني، و يسئلني من سيدرسني و يمسح دمعي حين أبكي ( أخي الصغير حنون جدا و سهل البكاء) لن يفهم حتى لو حدثته ، حتى لو فسرت له ظلم التاريخ و تعقيدات الذكورة و أصل فكر وئد النساء، الثورة تحدث بنا و نموت فيها لتعيش أجيال بعدنا في واقع أفضل، هذه خطوة أتحدى فيها كل التاريخ و أوامر الإله بإخضاعنا، هذه خطوتي و ستتبعها خطوات، هذا إنتحار و كم من مرة بعثت من موتي كطائر الفينيق الخرافي، هذا وئدي و هذه ولادتي، لأجل إبنتي و بناتكم أيضا لأجل واقع أفضل لهن سأحرص على بنائه..
لأجلي و لأجل التاريخ و المستقبل أخطو هذه الخطوة... و
لأننا محبوسون هنا في هذا الوطن, علينا أن نقاوم, مدامت قلوبنا مزروعة هنا علينا أن نقاوم و في خطوة ما لأمام سنغير...

الأحد، 21 سبتمبر 2014

رجل مائل للغروب

رجل مائل للغروب بماذا إذا يضحك الضاحكون؟؟

نظر في عيني مع تلك الإبتسامة, إبتسامة إنتصار, إبتسامة تعب, إبتسامة مائلة للغروب, إبتسامة شبيهة بدمعة الرحيل..
كل هذه التناقضات إجتمعت في إبتسامة... و إنغمس يحدثنا عن مغامرته مع قهقهات حنين واضحة و مرارة شيخ كبير طاعن في السن ينتظر النهاية بإستسلام واضح..
"النساء, آآههه من النساء.. إنهن حلاوة الكون و نقاء الوجود, و ضعف الإنسان.. الضعف الذي منه تأتي القوة و القدرة على السيطرة" ثم ينظر لصديقي و يقول:" أيها الصغير تجربةً لا يغرنك تلويهن في الفراش و تأوهاتهن أما قوة ذكورتك.. آهههه مجرد هراء, مجرد هراء"
يقولها مع إمتعاض واضح منه و مع ذهول واضح مني لا افهم موقفه من المرأة هل يراها أفعى أم ضلع أعوج أو ملاك, الأكيد أنه يعرف منهن الكثير.. و يضيف فهو لا يصمت أبدا و يقرأ التسائلات في عينينا دون أن ننطق و يجيب بحجم التسائل في قلبينا.. فيضيف: 
_النساء, هناك نوعين منهن, نوع سقط في الخطيئة فإستحسنها و إستسلم لها و نوع آخر سقط فيها فكهن معنى الفضيلة و النقاء فسعى إليهما.. 
ليس من عادتي أن أصمت في مسائل تتعلق بالمرأة لكن في هذه المرة لم أفهم حتى ما رمى إليه.. صمت أمام رغبته بالبوح و الحديث.. رأيته أمامي كاتبا رائعا وليد التجربة و الحياة لولا أنه أحسن إمساك قلم.. التجربة تطبع فينا نصوصا و نصوص, تحاليل و نتائج كثيرة تحيلنا بالضرورة للنشر و المشاركة سوى بالكتابة أو السرد او البوح, المهم أن ننشر ذلك السيل من الأسرار و التجارب الشخصية التي ربما أو غالبا يشاركنا فيها الكثيرون..
يذهلني شموخ هذا الجبل, يذهلني صموت هذا صرح و هذا الرجل.. رجل متخم بالحياة, مكتفي منها, متطلع للنهايات بكل إنتصار.. كثير الخيبات, كثير الهزائم و كثير التجارب.. هكذا تكون الحياة.. هكذا نشبع بالحياة, بالتجارب و الهزائم و الإنتصارات.. هكذا نرحل مع شهادة منتصر و كارت الرابح.. مكفنين بكل ما جمعنا من ذكريات و بكل ما طبعنا في حياة الآخرين من أثر.. هكذا نموت اثرياء.. أثرياء بالذاكرة و التجربة و العمل.. 

رجل مائل للغروب.. رجل مثير للأمل.. أمل إنتصار و وجع ألم.. لذلك يضحك الضاحكون..



إلي إبنتي..


ليس إسمك ريم كأمك حبيبتي و لا أنت غزالة مثلي و لا الجميع ذئاب و أنت طريدة, و لا وجع لك كوجعي تسكنينه و لا وطن مدمر لك مثلي و لا مشردة مثلي و لا إنتماء لك سوى ذاتك مثلي.. 
ترين حبيبتي ليس جميعنا لنا نفس رقعة الوجع و لا عدل في الحياة يقسم الفرح كما الحزن بيننا بالتساوي و رغم ذلك بعضنا يفوز بالنار و الآخر بالجنة..
أترين حبيبتي لم أطلب في طفولتي و لا يوما دمية لكنها أهديت لي كثيرا, أسكتوني كثيرا بالشوكولا, حتى أبكاموني, حتى كرهتها, حتى قيدوني..
ما أأكده لك يا حبيبتي أني كما الكثيرون يموتون كل دقيقة و كل حادثة و كل وجع و كل ثورة حلما بواقع أجمل, حلما و مقاومة لأجل مصير أرفه لك و لأمثالك و أجيال سبقتك و أجيال بعدك ستأتي..
أحاول حبيبتي, أحاول بكل ما أملك من قوة و كل ما أملك من حبر و ورق و ما يسكنني من ضعف لأحميك من رقعة الوجع التي إحتوتنا جميعا أجيالا وراء أجيال..
وجع أسموه عادة و عرفا و دينا لا ندري مصدرهم و لا ندري أحكامهم و لا ندري أسبابهم فقط نختنق بهم..
نموت على خناجرهم..
لكن رغم هذا الحكم بالإعدام الواضح أنجبتك مفعمة بالحياة متقنة للحرية..
طائرا حرا لم أحبسك في قفص تجاربي و لم أخنقك بنفس خوفي عليك.. 
لا أنا أم و لا لي إبنة لكن يوما ما سأخلق واحدة...
أتمنى أن أشارك في بناء واقع أجمل لها..
أتمنى أن تعيش في واقع اجمل و وطن ادفئ

الاثنين، 18 أغسطس 2014

في ركني الأبيض

حطيت ساقي بين هوى و فضا 
مجهول يحب من عفستي يلقى تعريف و دوى 
سواد و عذاب و ألم و جرح رافض يتلم
إنقطاع, إنفصال, عركة مع بدن 
رحيل و أنين 
حقيبة و كتاب و عود 
ألحانو عهود لمستقبل منشود

سماوني ريم
من صغري نلوج في وجه شبه 
في نقطة لقاء بين وجودي و إسمي 
بين حقيقتي و رسمي
بين كلمتي و حلمتي 
 بين لغزالة و جمالها و سرعتها 
و بين القبح الي سكن في بدني و بطئ خطوتي 

من غادي بدات القطيعة 
بين حقيقتي و إسقاطات الواقع على طبيعتي

سمعتوش بواحد متعارك مع روحو 
حالة قطيعة مع بدنوا , مع إنعكاس خطوط رسموا 
مع لمعات حزن في عينيه سكنوا 
مع أه و تنهيدة  مع صوتوا توحدوا

"أنا من أنا؟؟"
أنا رضيعة إختياري 
عجوزة قراري 
شابة حلمي و مراري 

"أنا من أنا؟؟"
أنا غزالة شاردة 
عاشقة للحرية 
حزينة من برد الثنية 

"أنا من أنا؟؟" 
يندثر الجواب.. 
يضيع قدام الأبواب.. 
يختفي كيف السراب


و يبقى السؤال...

السبت، 24 مايو 2014

وحش..

"توحشت"
خليها تخرج, خليها تخض السماء 
خليها كيف النسمات تحرك الشجرات 
خليها تفيض الأنهار و تسقي النبتات و الزهرات

توحشت إي توحشت 
و منعرف شيء غير توحشت 
حروفها في قلبي مڨديّة كيف النار في جواجيّة..

توحشت لبلاد.. توحشت بلاد..
توحشت "وطن" على الواو نتكى فوق النون نمد ساقيا..

توحشت لحبيب, توحشت حْبيب ..
توحشت "عشير" فوق قلبو نسير و من شفايفو نتروى
و في غير صدرو ما نلقى حتى دوى..


توحشت..
توحشت بلاد و عباد و وجه سماء 
غير السماء إلى توا عليا تطل
و نجوم غير النجوم إلي بعد شوية عليا تهل..

توحشت أي توحشت..
توحشت شيء عرفتو و شيء معرفتوش...

توحشت درجيحة..
ندرجح فوقها و نغني:
"درجح يا درجيحة درجح 
أطلع بيا الفوق و جنح "
و في بلاد غير لبلاد تجنح الدرجيحة 
تطير و تعلي و فوق السحاب تغني 
أحلى ما شعر نزار على الأحلام
و أقوى ما قال درويش على الحريّة..
"فأشهد أني حَيٌّ و حُرٌّ حين أُنسى"
في ها الثنية تنجم تدغدغ ساقين النسيان 
تفيقو كيف الجنيّة و يحققلك الأمنيّة..
كان من شويةْ العقل إلي زرعهم فيك حب الحلمة المنسيّة..
راي تحققت الأمنيّة و نسيت شنوة توحشت.. 
و نسيت إلي وصلك لها الثنية.. 
و ترفض الأمنية و تلعن النسيان
و تتفكر أش توحشت و تكمل الثنية غير الثنية..

توحشت رحلة تبدى من تونس إلى مصر إلى لبنان للعراق إلى الكوبا للبرازيل
و نرسي أخيرا في بلاد المجاعات و الجوع
و نخلي قلبي طعام لطفل صغير فيه كان الضلوع.

توحشت نعوم في البحر خفيفة منغير دبش 
كيف هاك لبنية الصغيرة إلي كانت فيا 
لا بزازل و لا ريق فيها العنين تضيق.. 

توحشت, توحشت نسكت 
و  في مخي نحكي برشا حكايات
منغير ما نتمنى ستيلوا يوصل صوتي لوذنين ماعندها للأحلامي صبر و مباة..

توحشت, بيت صغير على جبل بعيد على الناس معبي بالإحساس 
نزرع و ناكل, نكتب و نقرى, قهوة و نوم 
لا خنقة و لا زحمة و لا حس 
و لا مشاكل سياسية و أزمات اقتصادية..
و لا الوسواس الخناس يركبني كل عشية..

توحشت, توحشت 
توحشت برشا احلام عايشة فيا و بيا..
 للواقع تلوج في ثنية ..

غزالة, حرة,مستقلة

المطر خيطين من السماء.. 
شمس في كبد الفضاء 
لحظة تغوص و لحظة تظهر بين الماء 
نغزر للسقف و نخمم نشكروا و نظموا 
حاميني من المطر و البلل 
نفس السقف إلي البارح سبيتوا 
تحت ظلوا تحبست و دزيتوا 
هربت منو و بكيت عليه 
و لعنت ظلوا و ذلوا 
تخلطت دموعي بالمطر
تبل الظهر
و تولدت الكلمات, خرجت للحياة مع برشا صرخات
صرخات وجيعة و ليعة و دمعة أم على وليدها فرحة و طبيعة
هزت عيونها للسماء
لوجت على بداية و نهاية و درع حماية 
و طريق, وين تكون فيه حرة و منسية 
تجبد الهواء و تشم ريحة الحرية
و تحس ببرد الثنية 
في الثنية برشا ماء ترى فيه روحها حرة و مسميّة 
قويّة و متخافش من هم المسؤوليّة 
أما في عنين الخلق رفض و مقت 
ما أطولها الرحلة, ما قصرها الضحكة,ما سخنها الدمعة 
و مقواها الشهقة و ما أطفاها الدهشة 
ما أدفاها البسمة و ما زينها الرسمة 
الرسمة إلي عمات الكره في العيون و تحدات الرفض و تحملت المقت 
و هانت عليها الدموع و الهموم 
الرسمة إلي مسلمتش في حلمتها و مفرطتش في ثنيتها 
الرسمة إلي ألوانها دم و دموع 
تنثرت أحلام و شموع في ثنية كل صبية تحلم بالحرية 
تحلم بسقف يحميها منغير ميغمها و يعميها 
سقف على السماء يطل, وسعوا لفضاء, و حدو النجوم و في وسط  لهواء يعوم 

سقف بالإسم سقف.. 
و في الحقيقة أمان و أحضان..

ضيف و طيف


هاربة من الحكاية,
من وجهو في تفاصيل الرواية..
هاربة من طيفوا,
من رسم وجهي في المراية..
هاربة من أثار لمساتو على جلدي
و همساتو في وذني 

هاربة.. 

هاربة مني,
من ذاكرتي,
من لمسة قبلة في خطوط بدني جوالة.. 
هاربة من ثنايات عبيتها أحلام و خطوات 
خطوات عفست فيها على نظرات الناس
و تحملت نبذهم و مقتهم..
هاربة من لحظات..
سلمت فيهم في عقلي و طرت معاك في سماوات
و نرجع لنفس اللحظات 
لحظات ندم, لحظات هم 
لحظات تولي فيهم الذكرى سكين
و الحب كمين
و الأحلام طعم بنين
لين يولي بطعم الدم,
بريحة الهم و الندم.. 
هاربة مني..
هاربة من حروف إسمك في رسمي..
هاربة من هبلاتي ..
هاربة من بهامتي..
هاربة من رزانتي..
هاربة..


الشمس بدات تميل..
و الليل خيم على ركني لحزين
و الراس على المخدة مال
و النوم غمض الجفون...
في ها الوقت نعرف إلي الهروب محال و جنون
و الحب, فنون..
متنجم كان منو و ليه تهرب.. 
الشمس بدات تطلع
و النوم زار الجفون و ما كحل لعيون..
نمشي لوجهي للمراية و نرا الدم في عيني رواية
و تحويقة عيني ذكرى و حكاية..
و إلي هاربة منو ساكن فيّ..
و نعرف إلي  منجم كان منو و ليه نهرب..  

هاذي حكاية عشقة مينفع فيها لهروب,
مينفع فيها دمعتك تذوب..
مينفع فيها تخبي وجيعتك بكلمة لاباس
و بسمات على شفايفك تبات..
وجيعة في عينيك تسكن
و دمعة على حضن حبيبك تسخن..


لأني امرأة (الجزء الثاني)


إتخذنا مكانا هادئا في المقهى لكنه مرئي كان لا ينفك ينظر حوله خائفا من الناس التي تراه ولا يراها.. كان يريد أن يكشف كل الوجوه التي تحاول أن تراقبنا.. وكنت أستثمر وقتي في جمع الملاحظات عنه من خلال تصرفاته وردود أفعاله.. لم أكن مرتاحةً كثيرا لكن شيئا ما جعلني أرغب في لقاءه مرات ومرات، لغز ما جعلني أرغب في رؤيته مرات أخرى؛ يحضرني لقدري و ينصب لي فخاخ الوقوع في أكبر مآسي حياتي..
كان يوما ربيعيا مشمسا تلقيت فيها دعوة منه لإحتساء فنجان قهوة مع عائلته المتمثلة في أبيه الذي إعتكف على تربيته بعد وفات والدته ورفض الزواج رغم كل الضغوطات التي سلطت عليه لكي لا يعيش وحيدا وأصر على أن يفني شبابه لأجل فتاه الذي سيأتي يوما و يتركه بالضرورة لأجل إحداهن (إحداهن التي من المتوقع جدا أن أكون أنا، أنا التي كان دائما يحدثني بأهمية أبيه في حياته محاولا تحضيري لذلك القدر الذي سنكون فيه أنا وهو وأبيه أسرة صغيرة ودافئة كما كانت).جلسنا نحتسي القهوة في فناء المنزل تحت شجرة التوت الكبيرة بعد أن رحب بي أباه (العم صالح) ترحيبا لا يمكن أن أقول عنه سوى أنه فوق المتوقع.. أخذت أترشف القهوة بهدوء مستمعة لحديثه الممتع مطرقة مستمتعة بثقافته العالية وثورية أفكاره التي يبدو أنها لا تنقل بالوراثة لذلك لم أجد منها في إبنه شيئا، وكعادتي كنت أكره القهوة المنسكبة على جانب الفنجان الذي أشرب منه فأعمد أحيانا لمسحه بعفوية. لاحظ العم صالح ذلك واستغربه جدا لذلك وجه إهتمامه وتركيزه من سرد الحكايات التارخية المهمة وإسقاطها على واقعنا السياسي وتفسيره إلى الاهتمام بي فسألني عن سبب ما أفعله معتقدا أني لا أستحسن القهوة أو شيئا من ذلك:- ألم تروقكِ القهوة يا إبنتي؟؟- أه، لا لا.. لقد أعجبتي وهي كما أحبها مرة وثقيلة..حينها تدخل إبنه قائلا مع إبتسامة عريضة أمسك بها ضحكة طويلة:- أكيد أنك تستغرب لماذا تمسح جانب الفنجان، إنها فقط معتادة على ذلك..قال العم صالح مستغربا:- لكن لماذا؟؟فسكت ابنه لأنه لا يعرف لماذا ولم يهتم أبدا لذلك كما أنه لم يهتم أبدا لتفاصيلي الصغيرة وحتى الغريبة منها لأنه كما أرى لديه أب غريب أيضا يجعله لا يستغرب شيئا وبالتالي لا يتسائل عن شيء من غرابتي، غير مكترث لمحاولة فهمي، فأجبت أنا عن نفسي بسرعة لأبدد إستغراب هذا الرجل الغريب الذي ربما سيزدري فعلتي و يحكم علي حكما خاطئا..- لقد تعودت على فعل ذلك، لدي نوع من الهوس بالترتيب وقطرات القهوة السائلة على جانب الفنجان تثير جنوني، آسفة إن كان تصرفي أثار اشمئزازك..لكن العم صالح ابتسم ابتسامة دافئة تنم عن الرضا عن إجابتي واستحسانه لما قلته..العم صالح هو مربي تقاعد منذ سنة، تفرغ خلالها للكتب والكتابة وهو على درجة عالية من الثقافة، نظرته ثاقبة أشعر من خلالها أنه يتجول في ثنايا عقلي بسهولة ولم تترك السنين أثرا كبيرا عليه فيمكن أن تتكهن من خلال مظهره أنه في الأربعين من عمره في حين أنه تجاوز الخمسين بسبعة ربما لأنه دفن زوجته مبكرا وإرتاح من نكد النساء الناتج عن قهر المجتمع لهن كبنات جيلها جميعا.. لم أشهد أبدا في حياتي رجلا في سنه لديه نفس الأفكار المتقدمة المعاصرة، لم أشهد يوما في مثل ثقافته ومعرفته الواسعة، بالإضافة لأنه قام طوال حياته بجمع مكتبة ثرية وواسعة متضمنة كثيرا من الكتب النادرة وهذا ما جعل منزله ملاذا لي بحضور ابنه وغيابه حتى أن علاقتي تحولت من إرتباط بابنه كصديقة مقربة إلى إرتباطي بالمنزل عامة ومكتبة العم صالح خاصة.. حتى العم صالح كان في حد ذاته معرفة يمكنني أن أنهل منها..العم صالح الذي ما كان ينفك ينادي ببنيتي ويداعبني دائما، فكان يسقيني من حنانه كأني الإبنة التي لم يحصل عليها.. وهكذا تطورت علاقتي بالمنزل إلى علاقتي بصاحب المنزل الذي كان أنيسي في غربتي الفكرية بحكم أننا نتشارك الكثير من الأفكار رغم أن معرفتي لا تقارن أصلا بمعرفته..العم صالح أصبح الحضن الذي أركض إليه في لحظات ضعفي والعقل الذي أركن إليه في لحظات ضياعي والقلب الذي أسكن إليه لحظات ألمي..قوة ما تجمع روحينا أمام عظمة الوجود، قوة نسميها أبوة ولم نشك يوما في هذه التسمية، فلم يهمني ويهمه سوى أننا نرتاح في السكون إلى رفقة بعضنا البعض والهرب من ضوضاء المدينة إلى سكون الكتب والمعرفة.. لكن هذا لم يدم طويلا حتى حدث ما حدث.. في أحد أمسياتنا الجميلة التي نهرب فيها أنا والعم صالح من بئس العالم الذي يحاصرنا، ثار خلالها ابنه علينا متهما إيانا بعلاقة أخرى غير الأبوة بيني وبين أبيه، وقوده الغيرة، اتهمنا بأننا على علاقة حب وتحجج بأن هذا باد على محيينا وكثرة لقاءاتنا و خاصة أباه الذي تغير في الفترة الأخيرة فأصبح كثير الشرود والتفكير ويتهمه بابتسامات بلهاء لا تفارقه في شروده، كان ذلك الموقف من أكثر المواقف مذلة ومهانة مررت بها في حياتي فتركت منزلهم يومها مغتاضةً، مهانة ودون أن أنبس ببنت شفة، رحلت عاقدة العزم على هجر ذلك المنزل إلى الأبد.. فالعودة كانت من المستحيلات التي تأباها علي كرامتي ويحرمها علي كبريائي..يا لفظاعة ما حصل!! لقد اتهمني بأني على علاقة حب بسي صالح الذي أدعوه أبتي الروحي، الرجل الذي رأيت فيه الروح الوحيدة التي قدرت على احتوائي واحتضاني.. العم صالح هي الروح التي سكنتها وسكنتني.. إنه الأب الحقيقي بمفهوم الاحتواء الذي لم أعرفه أبدا، إنني اليوم أحرم منه بسبب غيرة غبية..
مكثت أيامًا في منزلي متأثرة بهول المذلة التي تعرضت لها، يحبطني الشوق عن أي عمل وحتى عن مفارقة الفراش.. ألزمتني كلمات ابن العم صالح الفراش وأمرضتني واجهت خلال هذه الأيام نفسي وعمدت لترتيب الأشياء في ذهني وتحليل وفهم ما حصل وسبب هيجان الابن علينا، واجهت فيها مشاعري محاولة تسمية الأشياء بمسمياتها وكلما بدأت تتضح أمامي كلما زاد فهمي لما حصل وزاد مرضي، هل يعقل أن يكون ما بيني و بين العم صالح حبا؟! أه مازلت أقول العم صالح..أنا أشتاقه وبشدة..يألمني فراقه و كأني تركت بعضي لديه..
أحدهم يدق باب الغرفة..-من؟؟يأتيني صوت أمي مهمها فأردف بسرعة..-أمي لا أريد أن آكل و لا أن أشرب ولا رغبة لدي في رؤية أحد.. أتركيني لأرتاح..- لكن يا بنيتي أتى ضيف مهم لزيارتك ويصر على ذلك..- من؟؟-إنه السيد الصالح يا حبيبتي وهو برفقتي الآن ويستأذنك للدخول..
إرتبكت كثيرا كان برفقتها وسمع رغبتي في الانزواء لكنه مصر على مقابلتي.. أسرعت نحو المرآة لترتيب مظهري قليلا.. وفتحت الباب بسرعة مستقبلة إياه مشفقة على نفسي من ثقل حجم الإشتياق الذي تعاظم داخلي مانعا عني الراحة ومن فرط احترامي للسيد صالح الذي لا يصح أن أتركه منتظرا كل هذا الوقت.. أردت أن اعتذر له:- آسفة لأني تركتك تنتظر لم أكن أتوقع زيارتك أبدا..يرد صالح مع إبتسامة حانية ونظرات شفقة فيها الكثير من التأسف:- أنا أعذرك وأفهمك..- حسنا يا أمي هلا أحضرتي للعم صالح قهوته المعتادة؟؟؟ردت أمي بالإيجاب وذهبت مسرعة لتحضير ضيافة العم صالح وكثير من السعادة تعلو محياها معتقدةً أنه ربما جاء واسطة ليجمع بيني وبين إبنه برباط رسمي..
برحيل أمي لم أتمالك نفسي ولم أستطع أن أكبح جماح شوقي وإرتميت على صدره معترفة بإشتياقي وقد تسربت بعض دموعي الحارقة من خلف القميص الصيفي إلى جلده لكنه لم يتأثر ظل محافظا على بروده وثباته وصمته وهذا ليس غريبا على السيد صالح ولم أستغربه كثيرا، قطع علي لحظتي تلك بعد أن أبعدني عن صدره بيديه لتقابل عيني عينيه:- لقد جئت اليوم تحملني أيادي عاطفتي ومشاعري.. لا أدري كيف حصل لكنه حصل.. وقد ولدت فينا في غفلة منا معجزة رائعة بروعة ما تكتمه من آلام ستنتج عن حرمة لقائنا واجتماعنا تحت تلك المعجزة ومعها أمام الشرائع الإجتماعية الفاسدة سيتهمونني بالشذوذ و يتهمونك بالعهر والبحث عن مصلحة ما لا يرونها حتى وفي أفضل الأحوال سيتهمونك بالغباء ونعلق مضغة في أفواههم ليوم غير معلوم.. إني جئت أناشدك أن لا ترتبطي بإبني لأنه يعتزم ذلك فلن أقدر أن أراك في أحضانه.. سيمزق ذلك فؤادي ويسحق قلبي ويعلق روحي على مناجل التعذيب الأبدية.. رأفةً بقلب رجل كبير أعيته الحياة وجمد برد العمر كل مظاهر الحياة فيه ولا تقبلي به وسيكون لك على الأكيد من هو أفضل منه..هنا قطعت عليه كلامه بحنق كبير وبكبرياء واضح:- كيف تسمح لنفسك أن تتدخل في حياتي وتحدثني بما تحدثني الآن..فطأطأ رأسه وقد حلت كلماتي على قلبه كالصاعقة ورأيت دمعة محبوسة في أحداقه تجمدها محاولة طويلة منه للثبات والوقوف منتصب القامة على حافة جرحه فعرفت فداحة ما تفوهت به وأشفقت على قلبه وتألمت لألمه الذي دعاه لطلب ما طلبه فإستدركت:- لن أرتبط بإبنك حتى لو لم تطلب مني لأنك تعرف أني لا أحبه وتعرف كما أعرف قداسة إرتباط الحب بالزواج عندي...رأيت بعض الراحة قد إرتسمت على وجهه لكن نفس الدمعة المحبوسة ظلت تسكن نظرته.. فعدت للحديث محاولة التماسك والصمود أمام حضنه الدافئ المغري وكتم شوقي و تلجيم حبي برباط قوي من العقل:- أتدري ماذا أيضا... إني.. إني.. أحبك.. وها أنا أسمي الأشياء بمسمياتها بكل صدق وصراحة كما علمتني ذات يوم وكما لم تفعل أنت اليوم.. إني أحبك ولا أدري كيف ولماذا وأعرف أنك تشاطرني هذا الإحساس وهذا الشوق المدمي..وهنا لم أستطع أن أمنع دمعي من النزول وانهرت باكية فسمح له كبرياءه أن يدع دمعته التي حبسها كثيرا خجلا من صورة الرجل القوي الذي حاول رسمها كثيرا لدي لأن في بلدتنا الصغيرة على تلّة العادات والتقاليد الشرقية البائسة دمعة الرجل لا تتعدى اعترافا مخجلا بالضعف.. كم أشفق عليه وعلى نفسي من هول الورطة التي وقعنا فيها وقد كان يصغر أبي بعام واحد ولن يسمح لنا المجتمع بالإلتقاء واغتنام المعجزة التي نزلت على قلبينا وخصّتنا بها الصدفة دون غيرنا..عندما فكرت في الجوهرة التي حدفت في أحضاننا ولم نقدر على التقاطها لشدة التهابها ندبت حظي ولعنت قدري واغرورقت عيناي حزنا وهممت أن أعدل ظلم الصدف والظروف، هممت أن أفتح أمامه أبواب الأمل في اللقاء والإجتماع رغم كل ما سيجره علينا من عناء..هممت أن أقنعه بأني سأبيع كل الدنيا وأرفس كل أحكام المجتمع لأكون معه لكن أمي دخلت حاملة طبق الحلويات والقهوة مبتسمة بشوشة متأملة الخير من الزيارة، ليتها كانت تعرف ماذا كنت أحس وماذا كنت أعيش ربما لتشفق على إبنتها من هول ما أصابتها به يد السماء.. مسحت بسرعة أثار الدمع عن وجهي وتظاهرت بالتماسك وكذلك فعل صالح حبيب قلبي وقال:- ما كان يجب أن تكلفي نفسك فلست بغريب بالإضافة أني قد أتممت الحديث مع ابنتك الفاضلة وها أنا ذاهب..التفت نحوي ورماني بنظرة محملة بالكثير من الرسائل التي سأظل أفك رموزها إلي لحدي وأردف:- أرجو أن تفكري في ما قلته لك وأتمنى أن يوفقنا الله إلى ما يحب ويرضى...ثم إلتفت إلى أمي مع إبتسامة رضا متكلفة وأضاف:- تشكراتي سيدتي على استقبالي وحسن استضافتي.. إلى اللقاء..رغم إصرار أمي على بقائه على الأقل ليشرب قهوته ثم يرحل رفض بإصرار..بعد رحيله أصرت أمي على معرفة ما جاء لأجله فقلت أنه يريدني أن أقبل بطلب ابنه لي للزواج فهو يعرف إصراري على الرفض ومازلت رافضة وسأظل وترجيتها أن لا تزيد الأمر سوء بتدخلها فلم تفعل كي لا تزيد ألمي الذي كان باديا جدا على محياي وتركتني في غرفتي للألم يمزقني ولشوق مطول يلوكني وسخط كبير على الحياة التي صيرتني لمثل هذا الألم الذي هو فوق طاقتي على التحمل والصبر..لماذا نجتمع إذا كنا لن نلتقي؟؟لماذا تحضر إذا كنت سيد الغياب؟؟؟لماذا أرتب حياتي على وقع ساعتك إذا كنت مع الفوضى أحباب؟؟
هكذا همست لأعمق أسرار الوجود وانصهرنا على عتبات اللقاء الشبيه بوجع الفراق، وأتذكر كلمات درويش توقظ في حقيقة الواقع وتبرز لي حدة سكاكينه "لم نفترق، لكننا لن نلتقي أبدا"..كم تظاهرت بالغباء لأحصن إيماني وأنفخ في أملي ملهبة عشقي للحياة.. كم تنازلت وقنعت، كم أحببت وتمنّعت، كم عشت في حياتي أنصاف تجارب وكم وقفت بساق حافية على حد سكين يقسمني نصفين وأنا صامتة، ليتني حينها بكيت وانتحبت، ليتني إنتفضت وثُرتُ على الألم ورغم التمنيات مازالت تحكمني أنصاف المواقف لقاء بطعم الفراق وانصهار بطعم الموت وتعانق بطعم الدماء تسيل من جرح التمني، ليتنا في عالم غير العالم وتحت سماء غير السماء..وبينما أنا وسط تلك الفوضى يأتيني ذلك السؤال ليهدي لقلبي القليل من السلوى ماذا لو جئتِ الحياة ورحلتِ ولم تذوقي حتى ذلك اللقاء المطعم بالفراق ماذا لو لم تشهدي الدليل القاطع على تكامل الأرواح وحقيقة إنقسامها في هذا العالم؟..كل هذا والحقيقة لا تتغير "لن نفترق لكننا لن نلتقي أبدا"..
اليوم تتشتت مفاهيمي تتبعثر وتتكون على تضاريس ذلك السر من أسرار الوجود فيتغير معنى الوطن وتذوب أوجاع الغربة، إيماني يتعاظم أمامي ليفهمني كنه الوجود ويوسع قلبي ليسامح كل الجلادين والظالمين ويغفر كل زلات الإنسان بدءا من بائعة الهوى تلك التي أحبت رجلا من الأشراف فسرقته من بيته وحرمت إمرأة أخرى نظيرة لوجعها من قلب دافئ وجسد ملتهب وتلك الفتاة الصغيرة التي عشقت أستاذها الذي يكبرها بسنين فأضاعت العلم لأجل الحب وانتهي بكل تلك النساء اللواتي اشترين فرح قلوبهنّ بوجع نساء مثلهن، أغفر اليوم لجميع من خان وأوجع وجرح وهجر وبنى سعادته على تعاسة غيره باسم أنبل أسرار الوجود...
فوضى عارمة في عقلي وروح مشتتة بين الفرح والبكاء حائرة في التعرف على مصدر كل تلك الكمية من أحمر الألوان ومصدر سيلانها، مجزرة أم أنه الربيع يدق أبواب شتائنا ويسيل الأنهار المتجمدة ويحطم كل الفروقات و الطبقات بين الإنسان وأخيه، بين الروح وساكنها، بين ساكن القصر واليتيم الذي ينام تحت السماء دثاراً مفترشا الأرض مضجعاً قانعًا بما لديه ثريا بما في قلبه من ألم وكآبة تدنيه من جوهر الحياة وتزوجه من الحقيقة التي تتقرب منه شيئا فشيئا بتعريها أمامه إلى أن تسلمه ذاتها ليتزاوجا ويتلاقحا دانيًا من الكمال والخلود، كم هو غني بفقره وكم هو ساكن القصور فقير بماله.. وكم أنا غنية بحرفي ووجعي وتجربتي وذاكرتي وكم هم واهمين وأغبياء بطلب النسيان وفناء العمر وراء بهرجة الأضواء ولمعان الذهب..
ظللت على قيد تلك الفوضى والوجع إلى أن إقترب فجر اليوم الموالي فهمست لنفسي:"نفسي حبيبتي هيا للنوم، في صباح اليوم الجديد عرّفي و غربلي و نظمي ربما تكونين أكثر قدرة على ذلك"تطل علي شمس النهار الجديد وتدغدغني أول خيوط الشمس رغم أني نمت متأخرة وتهيئني لضرورة تقبل وجعي الجديد وكآبتي الطارئة، مع دمعة شوق محبوسة في الأحداق أتعانق مع حقيقة وجودي وأنصهر معها.. بكل سعادة أقول إنه الألم... وأمضي وحيدة كما كنت دائما مع عاهة خطيرة في القلب تسمى الفراق وشلل بالغ في الروح نتيجة حب خارج القانون أو أنه حب قانوني مستوي في مجتمع منحرف النوايا والتفكير والأحكام.. وأظل كل ليلة ألعن كل الشرائع ويزيد سخطي على مجتمع سلبني حلمي وحبي.. على مجتمع سلبني الحياة منذ عرفت كنهها ونشدت جوهرها بالحرية، فقط لأني إمرأة...



إمرأة في بحثها عن عدالة الإله

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More