الأحد، 23 مارس 2014

إستثناء قدر..

الحياة عبئ ثقيل و أحيانا نحملها عبئا على عبئ فنرفض أن يتقاسم معنا أحبابنا شيء من بئسها, كبرياء كبير أم حنان عظيم و رأفة على قلوب من نحب و نهتم...
ليل محموم و وجع مكتوم و إرهاق يدمي روحها كما جسدها لكنها تظل دائما ترسم إبتسامة الرضاء و الراحة لتريح القلوب التي حولها, تنام كل ليلة قيد الوجع على فراش الحمى و الألم و تخرج تآوهاتها مستنجدة بعدالة الله و رأفته في جملة تذيب كل الإيمان في القلوب الخاشعة : " ساعدني يا الله إذا كنت تسمعني و أين أنت من وجعي" لكن الله يواصل ممارسة هوايته المفضلة و موهبته في الإختفاء وراء فضفضة الأسماء و الصفات و قدرية الوجع و القضاء  المحتوم..
لكنها تظل تدعوه متأملة في تلك القوة الجبارة الوحيدة القادرة على محو تعبها و تصبير وجعها و دفع الآآه عن حنجرتها.. لا تقدر لاعدالة الأرض على قتل شعلة الأمل في روحها فيأتي المرض ليطيح بجسدها و يرهق روحها المشعة بالفرح و المليئة بالأحلام.. تظل تعاني الوجع في صمت و تتحمل الألم بصبر, أشهر تمر على هذه الحالة و هي تحاول أن تغرق مرضها باللامبالات و كلما إجتاحتها الأوهام و الهواجس و الوسوسات زادت في مشاغلها و مشاريعها و إهتمامتها بكل ما هو خارج هذا الجسد المريض الذي يعيق رغبتها الكبيرة في التقدم و حلمها في إرساء واقع غير الواقع.. 
يزداد المرض و لا ينقص و يزداد الوجع و لا يرحل, يجب أن تزور طبيب ما يشخص مرضها و ربما يدوي وجعها, ربما يداويها  ربما, إنها لا تثق بهم, منذ أن سلبوها الأطباء أعز ما ملكت و أغلى الأحباب على قلبها.. لكن اليوم لا حل أمامها سوى الذهاب إلى واحد منهم بعد أن عجزت دعواتها على مساعدتها و التخفيف من ألمها.. إنه قرار صعب بنسبة لإنسانة مثلها  عانت ما عانت و رأت ما رأت من وحشية و لاإنسانية الأطباء و فشلهم في تشخيص الأمراض و فناء الأرواح التي وثقت بهم..

                                                                                                    ***
هاهي في قاعة الإنتظار تنتظر في مرارة واضحة و خوف دفين, ترتجف أحيانا ربما هي غرفة الإنتظار باردة قليلا ربما قلبها من يقف وحيدا في تيار شك و تجاذبات وسوسات نتاج أشهرمن الألم.. حين نكون في موقف ضعف كالذي هي فيه الآن لا نفكر بشيء سوى في من نحب و نتمنى أن يكون بجانبنا ليخفف مرارة اللحظة و يعطينا جرعة قوة نقدر أن نتقدم بيها ففكرت أن تتصل بحبيب قلبها ليعطيها تلك الجرعة و يحقق لها ذلك الإكتفاء من الحنان لكنها تتذكر كل خيباتها منه و كل ذلك الجفاف في كلماته و كل الأنانية في تصرفاته  فتعدل عن ما فكرت و تلجأ إلى تلك القوة المخفية داخلها و تحدث نفسها حديثا طويلا عن الحياة و القوة و الأمل و الإستمرار و التحمل و البطولات التي صنعت, ما أجملها حين تحدث مع ذاتها في علاقة حب راسخة و علاقة صداقة قديمة وثيقة قوامها الصدق و الوفاء من سيهديها كل ذلك غير نفس صادقة لا تجدها سوى في نفسها..
بعد حديث طويل مع نفسها و صراع كبير مع وسوساتها يأتي دورها في الدخول, تتخذ مكانها في كرسي أمام الطبيبة في إيزان واضح و إرتجاف داخلي, إنها طبيبة في الاربيعنات من عمرها مظهرها قريب من مظهر أمها و جارتهم إنها كائن عادي كالذين تمشي بجانبهم ز تعمل معهم و تحدثهم و تسامرهم كل يوم هكذا تحدث نفسها لتخفف من ذعرها و تطمئن قلبها..
تبدأ الطبيبة بسؤالها المعتاد و العادي مع إبتسامة عريضة لا تدري مصدرها ربما تجارة كتجارة الطب التي تمارسها لا تدري: 
- ما مشكلتي ؟؟ 
تجيب الفتاة في إرتباك واضع : 
-أأ أأ أعاني من تأخر في الدورة الشهرية و آلام مبرحة في الحوض..
-هل أنت متزوجة؟؟ ربما تكونين حاملا 
- لا لست متزوجة.. 
- حسنا لتصعدي على طاولة الفحص..
هنا ينتاب الفتاة نوبة من الذعر فتصبح كطفلة صغيرة تحاول أن تفرض إيرادتها بالدموع و الكثير من الدلع..
- أهذا ضروري سيدتي ؟؟ لا أريد ذلك, أيمكن أن تعطيني دواءا و أرحل بسلام 
و تفر دمعة مكتومة من عينها تأكد ذعرها و تفضح ضعفها.. 

ترد الدكتورة و هي تبتسم و تحاول أن تحول الموقف إلى المزاح و المرح:
- لا تتصرفي كالأطفال أيتها الصغيرة, لن تأكلكي طاولة الفحص..
-أعرف ذلك.. حسنا ..حسنا

تتخذ الفتاة وضعيتها على طاولة الفحص و تقوم الطبيعة بتمرير جهاز الرنين المغناطيسي في صمت سائد..
إلي أن تكسره الفتاة بقلقها:
-هل من شيء يا دكتورة ؟؟
-هناك شيء ما في الرحم هل ترينه ؟؟ إنه هنا إلى اليسار قليلا
- نعم أنا أراه, ماذا يكون؟؟؟
-ورم من نوع ما, يجب أن نقوم ببعض التحاليل و الفحوصات الأخرى..
-ورم؟؟ هل سأكون بخير 
- بخير بخير لا تخافي سأحدد الدواء بعد التحاليل و الفحوصات

تنزل الفتاة من فوق طاولة الفحص في خطا ثقيلة, مترامية الأقدام نحو المستقبل المجهول تريد أن تكتشف ما يخفيه لها القدر قبل أن يكتشفها هو.. في طريقها لفتح الباب و الإسراع للفحوصات تصارحها الطبيبة بإمكانية أن تكون حاملة للمرض الخبيث.. 
فتبتسم إبتسامة إنتصار و دون أن تشيح بنظرها عن الباب تقول : 
-خَيْرْ ..خَيْرْ يا دكتورة..
و تخرج من غرفة الفحص مع أوراق لتحاليل و فحوصات لازمة لتشخيص الداء و العلاج.. و فور تواجدها لوحدها تحدث نفسها بصوت عال كالمجانين:
"مرض خبيث... ههههه... و أخيرا يأتي الخلاص.. و "الموت والسلام " لا "الإستسلام والإنتحار" آآآهه كم إكتفيت من الحياة و آلامها و كم تعبت من المقاومة, هل لي من الحظ لاختصر بقية عمري بهذا الإنتصار؟؟؟" 
فتجتاحها اطياف احلامها, كل الروايات و الشخصيات التي سارت في عقلها و يجب أن تجد الوقت لتكتبها, كل الأحلام التي حلمت و يجب أن تحقق و كل السخرية التي تكتمها للألم و يجب أن تخرجها.. ليس هذا وقت الموت و وقت إنتصار كهذا...

يتبع...

الجمعة، 21 مارس 2014

رجل يتأرجح بين الممكن و المستحيل

أتعرف أني أنثى لا يليق بها الإنكسار؟؟ أنثى لا يليق بها الإنتظار؟؟
أنثى الخيبات و الإنتصار ليس سوى قدرتها على الإستمرار.. رغم الألم, رغم المحن..
و لأني أشفى بالكتابة و أصنع السعادة بالكلمات أكتب اليوم لأدفنك بين الممكن و المستحيل..
بين النص و الواقع الأليم..
و لأني أكتب بالدم و أغتسل بالدمع و أتلحف بالأمل و أظل على قيد التفائل أحيك  رداءا لأحلامي و أحلاما لأمالي و أمالا لآلامي لأحقق الإستمرار و الإستقرار و أتحمل كل هذا المرار لأكون بطلا من الأبطال..
يجب أن تكون هذه الجنازة أيضا نوعا من الإنتصار خاليا من الإنكسار.. 
أترى الكبرياء يتراقص بين حروف النعي و على مراسم الدفن و تراتيل الحزن؟؟
أحب أن أموت كالأشجار وقوفا و أحزن كالأشجار وقوفا و أوراق حياتي لا تسقط سوى ليأتي غيرها أجمل و أنظر.. 
في هذا الليل أدفن جرحي على عجل قبل أن يطلع النهار و يكتشف الناس فضاعة حلمي و مرارة آلمي..
لا أحب الشفقة و لا أمتهن البكاء أمام أحبابي..
أخاف عليهم من حرارة دمعي..
أشفق عليهم من تبني ألمي.. 

هنا إلتقينا و هنا أحببنا و هنا قربنا و هناك قبلتني قبلتي الأولى, كل تلك الأمكنة و الأزمنة و الذكريات و اللذات كلها تحضر اليوم في جنازة هذا الحلم الجميل, يلبسون الأبيض و يبتسمون بحزن دفين
سعيدين؟ ربما قليلا..
متألمين؟ ربما قليلا..
صابرين؟؟ نعم كثيرا.. 
يحاولون صناعة الأمل من الألم أو أحاول أن أوجههم كما أتوجه للإنتصار و التارخية,  ليظلوا مسارح تارخية بأبطال خرافيين لقصة شبيهة بالمعجزات و لأن المعجزة كعود كبريت لهيبها لا يدوم طويلا و لا يدفئ كثيرا قد إنتطفأت و إظطررنا لهذا الموت و الدفن و الوقوف في هذا النعي الطويل و الممل.. 
كل أحلامي تتأرجح بين الممكن و المستحيل كيف صدقت أنك إستثناء, كيف قبلت بتجربة الفناء..
لأننا يا حبيبي و وجعي لا نكتفي أبدا من الخيبات و كلما حصنا قلوبنا يغتالنا الم فوق الألم و خيبة فوق الخيبات..
ها أنا وجها لوجه مع وجعي و مرارة حزني أداويه بالكتابة كما أفعل دائما منذ تعلمت الكتابةو سكنت الوحدة و إمتهنت الكبرياء..  

حسنا إنتهت مراسم الدفن ها أنا أدفع نفسي بجهد جهيد نحو صباح جديد و وجع جديد و الم جديد, لأني أؤمن أنّ معجزتي ألمي و معظلتي أملي.. و لأني منذ الولادة بكيت العدم و أوجعني أن يفني إسمي بموت جسدي و آلمني أن يذاب فكري وسط الجموع, أكتب اليوم و غدا و بعد الغد و مع كل ألم و أمل و موت و ولادة, لأصنع الإستثناء و أهزم الفناء.. 
لقد رن الآن جرس الساعة يعلن بداية نهاري.. لأن صباحي مقدس كقداسة إبتسامتي و حلمي أبتسم لأستقبل الحياة دون ندم وبالكثير من الأمل ♥

الأربعاء، 12 مارس 2014

رثاء ثوري لعمري الذي مَرْ ..

اليوم نعمل ال24
 اليوم حاسة روحي مازلت كيف ولدت
مازلت كيف بديت
مازلت كيف حطيت ساقي في الحياة

منيش باش نبكي ع إلي فات..
و نحسب قداش لميت مكتسبات.. 
قداش دفنت أحباب و قداش طحت و تمرمدت و توجعت و تغدرت.. 
باش نخمم في عمري إلي فات
و نخمم قداش إستمديت منو ثبات..
قداش  من الوجيعة تعلمت..
و قداش من الفرحة تبسمت..

باش نخمم قداش مزالي في الحياة؟؟
زعمة أكثر من اللحضة إلى فوقها راكزة و على غيبها مركزة و بانية..
غادي نلقى أهمية عمري..
غادي نلقى أحلامي و طموحي..
غادي نعرف قداشني صغيرة و قداشني رابحة أعوام..
عمري لحظة..
لحظة نعيشها بذاكرة معرفة قوية و نْفَسْ أمل طويل
و روح شابة شايبة, عمرها لحظة تشبه للأزل.. 
هكا نحسب عمري لحظة عايشتها
و كتاب تاريخ محلول تبعثر فيه الأحلام لمطشتها .. 

اليوم نعمل الأربعة العشرين
و تقرب الثلاثين و بعدها لربعين و
ممكن تزيد السنين و تزيد..
تزيد في حسابها و تثقل في كتابها و تطوال في عذابها.. 
أما أني باش نقعد نعيشها كيف البارح كيف اليوم 
كيف العشرين, كيف الستين.. 
لحظة نسرقها من العدم و شمعة نضويها  في ظلام الأزل 

لنا تعديت و لنا لازم نخلي أثر.. 
رغم لعمر عمرو ما يمر 
و يتمحى.. 
لنا تعديت و هذا إلي ما لازموش يتنسى 

عمرك لحظة عمرها أزل معادش تحسب العمر بالأيام و السنين..
عيش اللحظة بخفتها و دنيتها و متنساش ترسخها 

الأحد، 9 مارس 2014

معرفة

وقتاش نكبر
و نولي في الستين
و شيبي يغمز بالعين..
و يتملى القلب أسرار
و العقل حكمة و دمّار

وقتاش نكبر هكا سئلت أمي 
قتلي وقت تولي ربت دار و تعمل راجل و صغار و تلبس الخمار
و تولي سعيدة كيف أمك بكمشة فروخ و خنار نساء كبار.. 

وقتاش نكبر هكا سئلت بابا 
قلي وقت تستوى
و تصرف على صغارك كيف الرجال و تنظف دارك كيف النسا..

وقتاش نكبر هكا سئلت جدتي..
قتلي وقت سنونك من قدام يطيحوا و تسقط من مجيبت الصغار و ظهرك يتعوج
و تولي تصلي ليل و نهار..

بابا,  أمي و جدتي.. زعمة تعيشوا في نفس الدنيا إلي نعيش فيها؟؟
زعمة تبنيو نفس لحقيقة إلى نبني فيها؟؟ 

أمي,  إيجا شوف
قداشني أم لبرشا نصوص
منغير كمشة فروخ
منغير راجل و دار و برشا خنار يسميوه إنجازات ربة دار.. 
و شعري منغير حتى قيد يلموا..
متناثر في وجه فكرهم لمسوّس و حكمهم لمخوّخ..

بابا,  إيجا شوفني قداشني في ثنية الهبال مستوية.. 
و قداش خشمي الفوق و جبهتي مقبلة للشمس و قامتي مش محنية..
و شوف قوة الرجال تحت ساقي تتبعثر و تستوى.. 

جدتي, إجا شوفني قداش صليت للأمل
و عطيت للوجود تسابيح فيها برشا فن..
إجا شوف قداش ظهر أحلامي مريض لكن عمروا مسلّم و تعوج..

إيجاو شوفوا بنتكم قداش كبرت خارج أحكامكم بعيد برشا على إنحراف آمالكم..
و مازلت نحب نكبر و بكل شعرة بيضة نكتب.. 
و كل خط في وجهي يحكي تجارب.. 
بها كبرت..
و قريب نوصل لستين
و شيبي يولي يغمز بالعين..
و يتملى القلب أسرار
و العقل حكمة و دمّار..

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More