لماذا نجتمع إذا كنا لن نلتقي؟؟
لماذا تحضر إذا كنت سيد الغياب؟؟؟
لماذا أرتب حياتي على وقع ساعتك إذا كنت مع الفوضى أحباب؟؟
هكذا همست لأعمق أسرار الوجود و إنصهرنا على عتابات اللقاء الشبيه بوجع الفراق, و أتذكر كلمات درويش توقظ فيا حقيقة الواقع و تبرز لي حدة سكاكينه "لم نفترق, لكننا لن نلتقي أبدا"..
كم تظاهرت بالغباء لأحصن إيماني و أنفخ في أملي ملهبة عشقي للحياة.. كم تنازلت و قنعت, كم أحببت و تمنّعت, كم عشت في حياتي أنصاف تجارب و كم وقفت بساق حافية على حد سكين يقسمني نصفين و أنا صامتة, ليتني حينها بكيت و إنتحبت, ليتني إنتفضت و ثورت على الألم و رغم التمنيات مازالت تحكمني أنصاف المواقف لقاء بطعم الفراق و إنصهار بطعم الموت و تعانق بطعم الدماء, تسيل من جرح التمني, ليتنا في عالم غير العالم و تحت سماء غير السماء..
و بينما أنا وسط تلك الفوضى ياتيني ذلك السؤال ليهدي لقلبي القليل من السلوى, ماذا لو جئت الحياة و رحلتِ و لم تذوقي حتى ذلك اللقاء المطعم بالفراق ماذا لو لم تشهدي الدليل القاطع على تكامل الأرواح و حقيقة إنقسامها في هذا العالم..
كل هذا و الحقيقة لا تتغير "لن نفترق لكننا لن نلتقي أبدا"..
اليوم تتشتت مفاهيمي تتبعثر و تتكون على تضاريس ذلك السر من أسرار الوجود فيتغير معنى الوطن و تذوب أوجاع الغربة, إيماني يتعاظم أمامي ليفهمني كنه الوجود و يوسع قلبي ليسامح كل الجلادين و الظالمين و يغفر كل زلات الإنسان بدءا من بائعة الهوى تلك التي أحبت رجلا من الأشراف فسرقته من بيته و حرمت إمرأة أخرى نظيرة لوجعها من قلب دافئ و جسد ملتهب و تلك الفتاة الصغيرة التي عشقت أستاذها الذي يكبرها بسنين فأضاعت العلم لأجل الحب و أنتهي بكل تلك النساء اللواتي إشترين فرح قلوبهنّ بوجه نساء مثلهن, أغفر اليوم لجميع من خان و أوجع و جرح و هجر و بنى سعادته على تعاسة غيره بإسم أنبل أسرار الوجود...
فوضى عارمة في عقلي و روح مشتتة بين الفرح و البكاء حائرة في التعرف على مصدر كل تلك الكمية من أحمر الألوان و مصدر سيلانها, مجزرة أم أنه الربيع يدق أبواب شتائنا و يسيل الأنهار المتجمدة و يحطم كل الفروقات و الطبقات بين الإنسان و الأخيه, بين الروح و ساكنها, بين ساكن القصر و اليتيم الذي ينام تحت السماء متلحفا الأرض دثارًا قانعًا بما ليده ثريا بما في قلبه من ألم و كآبه تدنيه من جوهر الحياة و تزوجه من الحقيقة التي تتقرب منه شيئا فشيئا بتعريها أمامه إلى أن تسلمه ذاتها ليتزاوجا و يتلقحا دانيًا من الكمال و الخلود, كم هو غني بفقره و كم هو ساكن القصور فقير بماله.. و كم أنا غنية بحرفي و وجعي و تجربتي و ذاكرتي و كم هم واهمين و أغبياء بطلب النسيان و فناء العمر وراء بهرجة الأضواء و لمعان الذهب..
"نفسي حبيبتي هيا لنوم, في صباح اليوم الجديد عرفي و غربلي و نظمي ربما تكونين أكثر قدرة على ذلك"
"أفضل الحلول لتفادي التوهان في هذه الفوضى أنا ذاهبة"
تطل عليا شمس النهار الجديد و تدغدغني أول خيوط الشمس رغم أني نمت متأخرة و تهيأني لضرورة تقبل وجعي الجديد و كآبتي الطارئة, مع دمعة شوق محبوسة في الأحداق أتعانق مع حقيقة وجودي و أنصهر معها.. بكل سعادة أقول إنه الألم... :)
0 التعليقات:
إرسال تعليق