كلما إرتديت كل خلاخيلي و لبست أجمل ما في خزانتي و تزينت بعطر خفيف و كحل طفيف, متهيئةً لإستقبال يوم جديد من الحياة, سعيدة بوجودي, متعايشة مع أنوثني, راضية بصدري المكتنز و أردافي الممتلئة شحما و لحما.. سألوني ماذا هناك و لمن أتجمل و لماذا و كأن وجودي على قيد الحياة يوما آخر لا يستحق إستقبالي له بفرح و رضا..
كلما فردت أكتافي و مشيت مرفوعة الرأس متثببت من كل الوجوه الجديدة التي تعترضني, مليئة بشهوى الإطلاع و حب كل مجهول, إتهموني بكل نوايا الفجور و المتجارة بكل تفصيل جميل من أنوثتي..
تتجول عيونهم بين خصري و أردافي و تتجول عيوني بين تقاسيم وجوههم.. ينظرون إلي بشهوة جنسية و أنظر إليهم بشهوة معرفية لكنهم يصرون على شتمي لجرأتي, يصرون على نعتي بأبشع النعوت...
لأني إمرأة..
كان لقائي به في أحد اللقاءات الإجتماعية, التي أحضرها كالعادة غصبا عني لرغبتي أهلي بذلك, لعرضي كسلعة لكل راغب مشتري, و ترن جملة أمي في عقلي عن الزواج التقليدي "إلي يخطبك عزك" جملة مليئة بموروث كامل من تقاليدنا الغبية.. لم أقدر يوما على مناشقتها فيها رغم إمتعاضي منها و وقعها السيء على عقلي.. كيف يعزني و هو لا يعرفني, كيف يكون قد عزني بطلب يدي للزواج لحسباته الإجتماعية و المادية الخاصة.. كيف يكون قد عزني و قد إختارني فقط لأني أناسب متطلبات ظروفه الحياتية..
كان لقائنا الأول غريبا كغربة إعجابه بي.. تبادلنا النظرات و حين أحسست أنه يتفحصني واصلت النظر إليه محاولة فهم تفاصله و طبع نسخة عنها كما أفعل دائما مع كل الوجوه الجديدة و لم أفعل كما تفعل جميعهن, تدعي الحشمة و الحياء و تنزل عينها و تشيح بيهما نحو الأرض.. كيف يمكنني أن أتعرف على الأشخاص هكذا و كيف يمكنني أن أعشق و أحب بدون أن أنظر للرجل في عينيه و من ثما في عقله و قلبه... لم أكن من الفتياة الجميلات أو المتجملات و لم أقل كلمة تبرر إعجابك بي و طلبك للقاء آخر و هذا هو سبب قبولي لطلبك بلقاء خاص يجمعنا نتمكن فيه من الحديث دون أن نفكر في كل تلك العيون التي تراقبنا.. كنت تريد أن تعرف سر نظراتي الجريئة و أنوثتي المختلفة و أردت أن أعرف سر إهتمامك بي.. هكذا كان لقاءنا الثاني..
كانوا كثر من طلبوا موعد لقهوة معي لمعرفة ما وراء كلماتي, ليستطيعوا أن يقرئوا ما بين سطوري و ربما ليصبحوا هم السطور لكني كنت أفضل معهم أن أبقى في عالم الكلمات و القيم اللامحدودة و أن لا أسجن في صورة يكونونها من رشفاتي السريعة المتلهفة للقهوة أو من جلستي الغريبة التي لا أفكر فيها باللائق بقدر ما أفكر بالمريح.. لكن أنت, لم تقرأ لي كلمة و لم تسمع مني فكرة تثير فيك شوقا لمعرفتي.. طلبت أن نتقابل في مقهى منزوي قليل الزوار و طلبت أن نتقابل في مقهى بمدينة الألعاب حيث تعج بالعائلات و الأطفال.. كان ذلك إعلان مني بحبي للعلنية و تقديس مني للصدق هكذا كانت رسائلي المشفرة لك, لعلك تفهم بعض من جنوني..و كان اللقاء كما أردت..
تعمدت أن لا أتزين وأن لا أكون في أبهى حللي إرتدت فستانًا بنفسجيا مخلوطا بلون رمادي بارد يوحي بأني لا أهتم أبدا بمظهري و لبسي و إرتديت أنت أفضل ما لديك , كان من الواضح أنك تريد أن تترك صورة جميلة عندي, لكنك فعلت العكس... كم أغاضني ذلك القميص المكوي و حذائك من الجلد الغالي و رائحة عطرك الواضحة.. كنت من عشاق روائح الناس الطبيعية حتى حين تصبح قوية و يسمونها بالعرق و بعضهم يشمئز منها.. تلك الرائحة التي تذكرني بعرق جدي الفلاح في أيام الحصاد و شمسها الحارقة و يذكرني برائحة أبي قبل الحمام بعد يوم عمل مجهد ليوفر لنا لقمة مشبعة و عيش كريم..
هكذا كنت واضحة صادقة خاية من كل زيف, واثقة و قوية و كنت متأنقا متألقا مخادعا مرائيا.. هكذا أحببتني و هكذا بدأة تخرج من عقلي و بالتالي من قلبي و دائرة إعجابي..
يتبــــــــــــــــــع
0 التعليقات:
إرسال تعليق