الجمعة، 22 نوفمبر 2013

مازوشية.. على سرير الصدق نموت و نحيا..

أجلس على أطراف الجرح نتحدث عن تفاصيله, أتلذذ بفتحه و مداعبته, أتلذذ بألمه.. و أصمت قليلا فقط لأتذكر, لأسحق كل خلايا النسيان الممتلئة بالجرح..
فيداهمني صوته يحثني على المتابعة خائف من أن أصمت و أحتفض بكل تاريخي الذي يهمه لي وحدي.. فأطمئنه بالثقة التي رضعتها من ثدي التجربة قائلةً:" أنا أنثى صادقة يا حبيبي ليس لأني لا أتقن الكذب بل لديّ من الذكاء ما يجعلني أتقن الشر كما أتقن الخير لكن أركن للخير لأنه أكثر راحة و أكثر هدوءا و سلاما"
وأعود لصمتي و أستدرك و كأني أتذكر شيئا مهما ستتوقف دورة حياتية ما إن لم أذكره و ربما ستتعطل الدورة الدموية الصغرى للثقة في علاقتنا "إن أساليب الخداع كثيرة و متعددة و سهلة المنال و ربما أسهل من المشيء على أطلال هذا الجرح الغائر الذي أظنه أحيانا أبدّي و سيظل يسكنني إلي لحدي, لا النسيان يطوله  و لا الغفران يشفيه لكني أقف أمامك الآن أنبش في الكفن وسط القيح و الدم و العفن لأهديك الصدق و الحقيقة , ربما أؤلمك لكن عزائك الوحيد أني لن أعيّشك في أوهام و كذب"

فأرى إنبساطًا و تعاطفًا و إرتياحًا على وجهه يريحني أيضا.. و تمتد يده لإحتضاني أكثر و أكثر و كأنه يريد أن يلصقني به و  يجعلني عضوا حياتيًا آخر بجانب قلبه..
كنت أريد وقتها أن أقول له أني أحبه و أركن لحضنه و أتحدث عن جرحي دون أن أحمل هم جرحي و جرحه معا.. دون أعرف مسبقا أن جرحي غائرا لدرجة أنه ينخر رجولته و شرفه في مجتمع يرى رجولته في فض بكارة بنت على فراش العادة و العرف و شرف في قطر دم ترفع رأسه أمام عائلتها و عائلته..
لكن الأمر ليس كذلك فأنا أتعامل مع جرحي على أنه عاهة تفقده  كما تفقدني لذةً ما..

ينظر إليّ بعين تثقلها الحب, يجعله ينسى أو يتناسى  ذلك الموروث الثقافي الذكوري بإمتياز..يحنو عليّ حنو أم على إبنها البكر الذي أنجبته بعد سنين من الحرمان و العقر و الوجع.. كان يحبني, كرجل شرقي باع حياته في صفقة سرية جدا دون أن يدري.. كنت أعرف أني أسكن كل دقة من قلبه, كنت أعرف أنه لن يكون سوى لي و لم يكن سوى لي مهمى مرّ في تاريخه من نساء..
لكن...
يبقى حبه حب رجل شرقي.. يقدم قلبه لك لتقدمي حياتك له ملكا مطلقًا و قربان شكرٍ له على قلبٍ ربما لم تطلبيه يوما, و لم يكن من ضمن أحلامك يوما حب تارخي من رجل, ففي بلد مثل بلادنا لا تتخطى  أحلام بعض  النساء سوى أن تكون هي في مرتبة  الرجل و تتمتع بما توفره لها رتبة كهذه من نعم و فرصة لحياة أفضل .. 
لكن...
الحياة لا تكون إلا هكذا.. لا تعطينا سوى ما لا نطلبه لتمعن في عذابنا... و ربما هكذا كانت حياتي و هكذا كان واقعي..
أنا هي المرأة التي لم تطلب يوما سوى أن تكون إنسان و تزيح عن كاهلها هم الشرف و مسؤولية الفساد الإجتماعي.. أنا كنت المغدورة, كنت المرأة التي حملة وجع كل النساء و كنا قلائل و كم كنا محظوظات في حصد قلوب الرجال أو قلوب طغات هذا المجتمع الذكوري فقط لأننا لم نكن نطلب ذلك, لأننا نطلب غير ذلك, و كما سبق و قلت تلك مهنة الحياة أن تمعن في عذابنا و تهدينا أجمل هداياها التي لا نطلب و لأنها تعرف جيدا أن ذلك يسعدنا بطريقة ما  لكنه ليس أقصى ما نطلب.. 


كانت عيناه تطلب المزيد و تطلب الإرتواء من تاريخي, فحب الرجل يجعله يتغاضى عن تاريخه ليس لانه يأمن أنه ملككِ وحدكِ بل فقط من باب السماح و المغفرة و الهبة منه بما أنك تمكنتِ من إمتلك قلبه الذي ربما لم تكوني تطلبينه أساسا..

عدت لحديثي و كما كان يريد أن يسمع تاريخي ليروي ضمأه من صدقي و في النهاية يهديني غفرانه, كنت أتحدث لأتخلص  من كل ذلك الوجع و كل ذلك القيح الذي ملأني وحدي و كتمته في أعماق قلبي و ذاكرتي و إمتلئ بي كما إمتلئت به.. 
"لم يكن سوى ذئب غادر غدر بقلبي في ليلة قمرية جميلة, سرق مني لذة إنتظترها غصبا أو إغتصابًا على فراش أحلامي أو على فراش كفراش أحلامي.. كل تلك الظروف التي تواطأت معه لتزيد في عمق جرحي.. لتمعن في وجعي.. كان حبيبي, لا بل كان الرجل الوحيد الذي حلمت.. كا اب لثمانية من أطفالي حلمت بإنجابهم و أهديتهم نسبه و أسميتهم باسماء أحببها و نسيت ما أحببته من أسماء.. إكتشفت بعد ما حدث لم يكون سوى لقطاء أحلامي لأني أنجبتهم دون موافقة مشتركة فقتلهم بصمت و على عجل لكي أتأكد من أن لا تسيل دمائهم فاضحة لفضاعة حلمي المسروق خلسة من أنانية رجل طاغي.. سرق من كل  "سعادتي مستغلا ثقة سكنت خارج العقل و حب كان نتيجة لسذاجتي و غبائي لا غير

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبع
"كتابي "إمرأة في بحثها عن عدالة الإلاه 

الأحد، 10 نوفمبر 2013

لأني إمرأة



كلما إرتديت كل خلاخيلي و لبست أجمل ما في خزانتي و تزينت بعطر خفيف و كحل طفيف, متهيئةً لإستقبال يوم جديد من الحياة, سعيدة بوجودي, متعايشة مع أنوثني, راضية بصدري المكتنز و أردافي الممتلئة شحما و لحما.. سألوني ماذا هناك و لمن أتجمل و لماذا و كأن وجودي على قيد الحياة يوما آخر لا يستحق إستقبالي له بفرح و رضا..
كلما فردت أكتافي و مشيت مرفوعة الرأس متثببت من كل الوجوه الجديدة التي تعترضني, مليئة بشهوى الإطلاع و حب كل مجهول, إتهموني بكل نوايا الفجور و المتجارة بكل تفصيل جميل من أنوثتي..
تتجول عيونهم بين خصري و أردافي و تتجول عيوني بين تقاسيم وجوههم.. ينظرون إلي بشهوة جنسية و أنظر إليهم بشهوة معرفية لكنهم يصرون على شتمي لجرأتي, يصرون على نعتي بأبشع النعوت... 
لأني إمرأة..
كان لقائي به في أحد اللقاءات الإجتماعية, التي أحضرها كالعادة غصبا عني لرغبتي أهلي بذلك, لعرضي كسلعة لكل راغب مشتري, و ترن جملة أمي في عقلي عن الزواج التقليدي "إلي يخطبك عزك" جملة مليئة بموروث كامل من تقاليدنا الغبية.. لم أقدر يوما على مناشقتها فيها رغم إمتعاضي منها و وقعها السيء على عقلي.. كيف يعزني و هو لا يعرفني, كيف يكون قد عزني بطلب يدي للزواج لحسباته الإجتماعية و المادية الخاصة.. كيف يكون قد عزني و قد إختارني فقط لأني أناسب متطلبات ظروفه الحياتية..

كان لقائنا الأول غريبا كغربة إعجابه بي.. تبادلنا النظرات و حين أحسست أنه يتفحصني واصلت النظر إليه محاولة فهم تفاصله و طبع نسخة عنها كما أفعل دائما مع كل الوجوه الجديدة و لم أفعل كما تفعل جميعهن, تدعي الحشمة و الحياء و تنزل عينها و تشيح بيهما نحو الأرض.. كيف يمكنني أن أتعرف على الأشخاص هكذا و كيف يمكنني أن أعشق و أحب بدون أن أنظر للرجل في عينيه و من ثما  في عقله و قلبه... لم أكن من الفتياة الجميلات أو المتجملات و لم أقل كلمة تبرر إعجابك بي و طلبك للقاء آخر و هذا هو سبب قبولي لطلبك بلقاء خاص يجمعنا نتمكن فيه من الحديث دون أن نفكر في كل تلك العيون التي تراقبنا.. كنت تريد أن تعرف سر نظراتي الجريئة و أنوثتي المختلفة و أردت أن أعرف سر إهتمامك بي.. هكذا كان لقاءنا الثاني.. 
 كانوا كثر من طلبوا موعد لقهوة معي لمعرفة ما وراء كلماتي, ليستطيعوا أن يقرئوا ما بين سطوري و ربما ليصبحوا هم السطور لكني كنت أفضل معهم أن أبقى في عالم الكلمات و القيم اللامحدودة و أن لا أسجن في صورة يكونونها من رشفاتي السريعة المتلهفة للقهوة أو من جلستي الغريبة التي لا أفكر فيها باللائق بقدر ما أفكر بالمريح.. لكن أنت, لم تقرأ لي كلمة و لم تسمع مني فكرة تثير فيك شوقا  لمعرفتي.. طلبت أن نتقابل في مقهى منزوي قليل الزوار و طلبت أن نتقابل في مقهى بمدينة الألعاب حيث تعج بالعائلات و الأطفال.. كان ذلك إعلان مني بحبي للعلنية و تقديس مني للصدق هكذا كانت رسائلي المشفرة لك, لعلك تفهم بعض من جنوني..و كان اللقاء كما أردت..
تعمدت أن لا أتزين وأن لا أكون في أبهى حللي إرتدت فستانًا بنفسجيا مخلوطا بلون رمادي بارد يوحي بأني لا أهتم أبدا بمظهري و لبسي و إرتديت أنت أفضل ما لديك , كان من الواضح أنك تريد أن تترك صورة جميلة عندي, لكنك فعلت العكس... كم أغاضني ذلك القميص المكوي و حذائك من الجلد الغالي و رائحة عطرك الواضحة.. كنت من عشاق روائح الناس الطبيعية حتى حين تصبح قوية و يسمونها بالعرق و بعضهم يشمئز منها.. تلك الرائحة التي تذكرني بعرق جدي الفلاح في أيام الحصاد و شمسها الحارقة و يذكرني برائحة أبي قبل الحمام بعد يوم عمل مجهد ليوفر لنا لقمة مشبعة و عيش كريم..
هكذا كنت واضحة صادقة خاية من كل زيف, واثقة و قوية و كنت متأنقا متألقا مخادعا مرائيا.. هكذا أحببتني و هكذا بدأة تخرج من عقلي و بالتالي من قلبي و دائرة إعجابي.. 

يتبــــــــــــــــــع

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More